وهيئات ما أنزل الله بها من سلطان، وجعلوها ديناً يعملون به، ويدعون الناس إليه، وهذا اعتداء على حق الله في التشريع، وإدخال ما ليس من الدين فيه، وانتقاص لحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي بيَّن كل شيء، وترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وفيها إضلال للعباد وظلم لها، بأمرهم بعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٤٤)} ... [الأنعام: ١٤٤].
الثاني: فرقة انطوت على الحقد على الإسلام وأهله، فأرادوا عن قصد خبيث ضرب هذا الدين: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٨)} [الصف: ٨].
فعمدوا إلى الابتداع في الدين، فكذبوا على الله ورسوله في القواعد والأصول، وفي العبادات والمعاملات، ومع كثرة الجهل، وموت العلماء، وتقصير الدعاة، والإعراض عن طلب العلم، والانشغال بالدنيا، اندرست معالم السنن في كثير من البلاد، وصارت السنة بدعة، والبدعة سنة، وعاد الإسلام في بعض البلاد غريباً كما بدأ.
فأقام الله عزَّ وجلَّ الطائفة المنصورة تنطق بالحق، وتدفع الباطل، وتنشر السنن، وتطهر البلاد من المعاصي والمنكرات والبدع.
فكم هدى الله بهم من ضال؟ .. وكم علم بهم من جاهل؟ .. وكم رد بهم من تائه؟ .. وكم تاب على عاصٍ؟ .. وكم أنقذ بهم من هالك؟.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمَّتِي قَائِمَةً بِأمْرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ» متفق عليه (١).
وكل من دعا إلى بدعة وضلالة فعليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه؛ لأن اتباعهم له تولد من فعله، ولذلك كان على ابن آدم الأول القاتل لأخيه كفل من ذنب كل
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٦٤١)، ومسلم برقم (١٠٣٧) واللفظ له.