حياتهم، لكنهم لما أعرضوا عن دين الله دمر الله مزارعهم بسيل العرم، ومزقهم كل ممزق كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (١٧)} [سبأ: ١٥ - ١٧].
ولو كانت الحياة الطيبة تحصل بالقوة والصحة لكان قوم عاد أول من تطيب حياتهم، لكنهم لما أعرضوا عن الدين لم تنفعهم قوتهم، وعاقبهم الله بأهون شيء عليهم وهي الريح: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢)} [الذاريات: ٤١ - ٤٢].
ولو كانت الحياة الطيبة تحصل بالتجارة لكان قوم شعيب أسعد الناس، لكنهم لما أعرضوا عن الدين أهلكهم الله بعذاب الرجفة والصيحة كما قال سبحانه: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩٤)} [هود: ٩٤].
ولو كانت الحياة الطيبة تحصل بالملك لكان نمرود وفرعون أسعد الناس، لكنهم لما أعرضوا عن الدين أهلكهم الله وأذلهم بين خلقه كما قال سبحانه عن فرعون: {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠)} ... [الذاريات: ٣٨ - ٤٠].
ولو كانت كثرة النسل وطول الأعمار تحصل بها السعادة والحياة الطيبة، لكان قوم نوح أسعد الناس، لكنهم لما أعرضوا عن الدين أغرقهم الله كما قال سبحانه: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٣٧)} [الفرقان: ٣٧].
ولو كانت الحياة الطيبة تحصل بالبناء والتعمير، وزراعة السهول، وبناء القصور لكانت ثمود أسعد الناس، ولكنهم لما أعرضوا عن الدين أهلكهم ودمرهم كما قال سبحانه: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ