للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتوقعون لقاء الله، ولا يدركون أن من مقتضيات هذا النظام المحكم أن تكون هناك آخرة، وأن الدنيا ليست النهاية؛ لأن البشرية لم تبلغ فيها كمالها المنشود، والذين يمرون بهذه الآيات كلها غافلين، لا تحرك فيهم قلباً يتدبر، ولا عقلاً يتفكر، هؤلاء لم يسلكوا طريق الكمال البشري، ولم يصلوا إلى الجنة التي وعد بها المتقون.

فهذا النظام الكوني البديع، وهذا التصريف والتغيير، وهذا الخلق المتجدد، وهذه الأوامر التي تعقبها الحياة والموت، والسكون والحركة، هذا كله يوحي بأن لهذا الكون خالقاً مدبراً، وهؤلاء لا يدركونه، ولا يدركون أن الآخرة ضرورة من ضرورات هذا النظام وهذه السنن، يتم فيها تحقيق القسط والعدل، كما يتم فيها إبلاغ البشرية إلى آفاقها العليا من كمال ونعيم وخلود.

ومن ثم فهم لا يتوقعون لقاء الله، ونتيجة لهذا يقفون عند الحياة الدنيا بما فيها من نقص وهبوط، ويرضونها ويستغرقون فيها، فلا ينكرون فيها نقصاً، ولا يدركون أنها لا تصلح أن تكون نهاية للبشر، فهؤلاء جزاؤهم النار كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨)} [يونس: ٧ - ٨].

أما المؤمنون فيدركون أن هناك آخرة، وأن هناك ما هو أعلى من هذه الحياة الدنيا، وهي الجنة الأبدية التي أعدها الله لهم كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩)} [يونس: ٩].

وثواب الإيمان والطاعات الجنة .. وعقوبة الكفر والمعاصي النار.

والله عزَّ وجلَّ لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه كما قال سبحانه: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} [الإسراء: ١٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>