للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمل: هو امتثال أوامر الله في جميع الأحوال، وعبادة الله وحده لا شريك له.

الثاني: كل ما فيه حظ عاجل ولا ثمرة له في الآخرة أصلاً، كالتلذذ بالمعاصي كلها، والتنعم بالمباحات الزائدة على قدر الحاجة.

والتنعم والترفه بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرث، والغلمان والجواري، والقصور والدور، ورفيع الثياب ولذائذ الأطعمة ونحوها من ألوان المتاع الذي تحبه النفوس كما قال سبحانه: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤)} [آل عمران: ١٤].

فحظ العبد من هذا كله هي الدنيا المذمومة، باستثناء ما يحتاجه من المباح.

الثالث: كل حظ في العاجل معين على أعمال الآخرة كقدر القوت من الطعام، والحاجة من اللباس والسكن، وكل ما لا بدَّ منه؛ ليتأتى للإنسان البقاء والصحة التي يتوصل بها إلى العلم والعمل الصالح.

فهذا ليس من الدنيا، فهو كالقسم الأول؛ لأنه معين على القسم الأول ووسيلة إليه، فمهما تناوله العبد على قصد الاستعانة به على العلم والعمل، لم يكن به متناولاً للدنيا، ولم يصر به من أبناء الدنيا.

وإن كان باعثه الحظ العاجل دون الاستعانة به على العلم والعمل التحق بالقسم الثاني، وصار من جملة الدنيا.

فالأول محمود .. والثاني مذموم .. والثالث حسب نية صاحبه.

وكل شيء في الدنيا يزول، ولا يبقى مع العبد عند الموت إلا أربع صفات: إيمان القلب .. وأنسه بذكر الله .. وحبه لربه .. وعمله الصالح.

وهذه الصفات هي المنجيات المسعدات بعد الموت.

فقوة الإيمان تفطم العبد عن شهوات الدنيا، وتنشطه للعمل الصالح الذي ينال به شهوات الآخرة، وتملأ قلبه بالأنس بالله، ولذة مناجاته ومحبته ونسيان ما سواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>