وساوموه على أن يعبد ما يعبدون، وهم يعبدون ما يعبد، فحسم الله هذه المساومة المضحكة بقوله: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)} [الكافرون: ١ - ٦].
ولقد واجه الملأ من قريش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكل أذى، بالقول وبالفعل .. وعرضوا عليه عروضاً مغرية لعله أن يقبلها ويترك ما جاء به من الدين .. واتهموه تارة بالسحر .. وتارة بالكذب .. وتارة بالشعر .. وتارة بالكهانة .. وتارة بالجنون، ولكنه لم يبال بالعروض .. وصبر على السب والأذى .. ومضى يدعو إلى الله حتى أظهر الله دينه .. وجاء الحق .. وزهق الباطل.
والله سبحانه يأمر رسوله (بأداء رسالته إلى البشرية .. وينهاه عن طاعة أحد، من هؤلاء الملأ المكذبين بالذات، ويصفه بصفاته المزرية المنفرة، وهو الوليد بن المغيرة، أحد كبار طغاة قريش، له مواقف مشهورة وكثيرة في الكيد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتهديد أصحابه، والوقوف في وجه الدعوة، والصد عن سبيل الله كما قال سبحانه: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥)} [القلم: ١٠ - ١٥].
وما أقبح ما يجزي إنسان نعمة الله عليه بالمال والبنين .. استهزاءً بآياته .. وسخرية من رسوله .. واعتداء على دينه .. وكفراً بالله ونعمه.
وما جزاء هذا الصنف العنيد المستكبر الأثيم: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)} [القلم: ١٦].
إنها القاصمة والعلامة المخزية التي يستأهلها عدو الإسلام، وعدو الرسول الكريم، لمثل هذه الهامات الشامخة، والكبرياء المنفوخة.
إنه العزيز الجبار القوي القهار يقول لرسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - خَلِّ بيني وبين هؤلاء الكفار المكذبين، المغترين بالمال والبنين، والجاه والسلطان، فالحرب معي، لا معك ولا مع المؤمنين، وهذا المخلوق عبدي، وأنا سأتولى أمره، وذرني