وهامان وجنودهما، وأبو جهل وقومه، واليهود وغيرهم.
والزهد في الدنيا والرئاسة هو الذي عمر الجنة بأهلها.
وحب الدنيا والرئاسة هو الذي عمر النار بأهلها.
فالدنيا خمر الشيطان، والسكر بحب الدنيا أعظم من السكر بشرب الخمر بكثير.
وصاحب هذا السكر لا يفيق منه إلا في ظلمة اللحد.
وأقل ما في حب الدنيا أنه يلهي عن ذكر الله وطاعته، ومن ألهاه ماله عن ذكر الله فهو من الخاسرين، وإذا لهى القلب عن ذكر الله سكنه الشيطان، فأزعجه إلى كل معصية، وصرفه حيث أراد.
والزهد في الدنيا ليس بتحريم الحلال ولا إضاعته، ولكن الزهد فراغ القلب من الدنيا لا فراغ اليدين منها.
والرغبة في الدنيا أصل المعاصي الظاهرة والمعاصي الباطنة.
فهي أصل معاصي القلب من الحسد والكبر، والفخر والخيلاء، والتسخط والتكاثر، فهذا كله من امتلاء القلب بحبها لا من كونها في اليد.
وامتلاء القلب بها ينافي الشكر لله، ورأس الشكر تفريغ القلب لله منها ومن غيرها.
فسبحان الغفور الشكور، يطاع فيشكر، وطاعته من توفيقه وفضله، ويُعصى فيحلم، ومعصية العبد من ظلمه وجهله، يتوب إليه فاعل القبيح فيغفر له، حتى كأنه لم يكن قط من أهله.
السعادة كلها في طاعته، والأرباح كلها في معاملته، والمحن والبلايا كلها في معصيته ومخالفته، فليس للعبد أنفع من شكره، والتوبة إليه.
فله الحمد على ما أعطى وما منع، وله الحمد على كل حال: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)} [فاطر: ٣٤].
والدنيا عبارة عن أعيان موجودة للإنسان، وفيها حظ له، وهي الأرض وما