تارة تكون فتنة تلهي صاحبها عن الله والدار الآخرة فهي مذمومة.
وتارة تكون زاداً إلى الآخرة، وعوناً للإنسان للاستقامة على الدين، فهي بهذا نعمة محمودة، ونعم المال الصالح للرجل الصالح.
والإنسان محتاج إلى الدنيا فهي مطية الآخرة، ومحتاج إلى الدين لتكون حياته طيبة، وكما يحتاج الإنسان إلى ركوب السفينة حينما يدخل البحر، فيركب مدة يسيرة لينجو من الأمواج ثم يصل إلى الساحل.
وهكذا المسلم يحتاج إلى الدين ما دام حياً، فيؤمن بالله، ويمتثل أوامره مدة يسيرة لينجو من الغرق في بحر الكفر والشهوات، والشبهات والكبائر، والمحرمات والمكروهات، ويستمر على ذلك حتى يصل إلى الآخرة بسلام.
فبقاء الإنسان في الحياة بسيط، كأنه راكب سفينة من الساحل إلى الساحل الآخر، كما قال سبحانه: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٢٤)} [الأعراف: ٢٤].
والله حكيم عليم خلق الدنيا .. وزيَّنها .. وأسكننا فيها .. وحذرنا منها، وخلق الآخرة .. وزينها بكل شيء .. ودعانا إليها .. ورغَّبنا فيها كما قال سبحانه: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٧٧)} [النساء: ٧٧].
فالدنيا وقتها قصير، وأمرها حقير، وكبيرها صغير، وغاية أمرها يعود إلى الرياسة والمال.
وغاية ذي الرياسة أن يكون كفرعون الذي أغرقه الله في اليم انتقاماً منه.
وغاية ذي المال أن يكون كقارون الذي خسف الله به الأرض لما آذى نبي الله موسى - صلى الله عليه وسلم -، وجحد فضل مَنْ رزقه.
ولو أن الدنيا وما فيها ألقيت في مُلْك واحد من أهل الجنة لا تساوي حلقة ترمى في ميدان كبير، ولموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها.
ومن الحمق أن يملك الإنسان التطلع إلى الدنيا والآخرة معاً، وإلى ثواب الدنيا