وما أقسى الفضيحة على الملأ .. وما أخزاها على عيون الجموع.
أما عين الله فكل خافية مكشوفة لها في كل آن، ويوم القيامة كل شيء بارز في الكون كله، والأرض مدكوكة مسوَّاة لا تَحجب شيئاً، والسماء منشقة واهية لا تحجب شيئاً، والأجساد معراة لا يسترها شيء، والنفوس كذلك ليس من دونها ستر، وليس فيها سر.
ألا إنه لأمر عصيب .. أعصب من دك الأرض والجبال، وأشد من تشقق السماء، وقوف الإنسان عريان الجسد، عريان النفس، عريان المشاعر، عريان الحياة، عريان العمل، ما ظهر منه وما استتر.
إنه يقف أمام تلك الحشود الهائلة من خلق الله من الإنس والجن والملائكة، وتحت جلال الله وعرشه المرفوع فوق الجميع: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (١٧) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨)} [الحاقة: ١٣ - ١٨].
ألا ما أشد هذه الحال التي سيقف فيها كل إنسان وهو عريان الجسد والقلب، والنية والشعور، عريان من كل ساتر.
كيف به وهو كذلك تحت عرش الجبار؟ .. وأمام الحشد الزاخر بلا ستار؟.
فهذا مشهد الناجي في ذلك اليوم العصيب، وهو ينطلق في فرحة غامرة بين الجموع الحاشدة، تملأ الفرحة جوانحه، وتغلبه على لسانه فيهتف: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩)} [الحاقة: ١٩].