وكلمات الله التي يستعان بها نوعان:
كلمات كونية .. وكلمات شرعية.
والكلمات الكونية: هي التي كون الله بها الكائنات، لا يخرج عنها بر ولا فاجر، ولا أي مخلوق في الكون.
فما من ملك ولا سلطان، ولا مال ولا جمال، ولا علم ولا حال، ولا تحريك ولا تسكين، ولا تدبير ولا تصريف إلا هو واقع بمشيئة الله وقدرته، وكلماته التامات.
ولكن من ذلك ما هو محبوب لله مأمور به، ومنه ما هو مكروه لله منهي عنه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].
والطاعات والمعاصي كلها واقعة بقضاء الله وقدره، ومشيئته وإرادته.
لكنه سبحانه لم يأمر بالمعاصي والذنوب، ولا يرضاها ولا يحبها، بل يبغضها ويعاقب من فعلها وإن كان ذلك بإرادته وقدره.
فإن القدر كما جرى بالمعصية جرى كذلك بعقابها، كما يقدر على العبد أمراضاً تعقبه آلام.
فالمرض بقدره، والألم بقدره، فإذا قال العبد قد تقدمت الإرادة بالذنب فلا أعاقب، كان بمنزلة قول المريض، قد تقدمت الإرادة بالمرض، فلا أتألم ولا أعالج.
وهذا مع أنه جهل فإنه لا ينفع صاحبه، بل اعتلاله بالقدر، ذنب ثان يعاقب عليه؛ لأنه أذنب، وكذب على الله.
وإنما اعتل بالقدر إبليس، وأما أدم فتاب فتاب الله عليه.
فمن أراد الله سعادته ألهمه أن يقول كما قال آدم - صلى الله عليه وسلم -: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)} [الأعراف: ٢٣].
ومن أراد الله شقاوته اعتل بعلة إبليس أو نحوها فأبى واستكبر وكفر كما قال سبحانه: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ