وقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن نزيل الشر بالخير بحسب الإمكان.
وأن نزيل الكفر بالإيمان، ونزيل البدعة بالسنة، والمعصية بالطاعة، والسيئة بالحسنة، فيدفع المسلم ما قدره الله من الشر، بما قدره الله من الخير مستعيناً بالله، كما يدفع شر الكفار والفجار بالقوة ورباط الخيل، وكالدعاء والصدقة اللذين يدفعان البلاء، وكالدواء الذي جعله الله سبباً للشفاء وهكذا.
وما يكون من الشر جعله الله محنةً لنا وابتلاءً، والله لم يأمرنا أن نرضى بما يقع من الكفر والفسوق والعصيان، بل أمرنا أن نكره ذلك وندفعه بحسب الإمكان.
فندفع قدر الله بقدر الله وبما أمر الله مع الصبر والتوكل عليه والاستعانة به في كل أمر، وهذا هو الابتلاء: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (٢٠)} [الفرقان: ٢٠].
والله تبارك وتعالى له الخلق والأمر، فهو الخالق لكل شيء، ولكل ما يقع في هذا الكون، ولكل ما يقع للناس من أحوال، ولكل ما يقع من الناس من أعمال.
فالناس يملكون بما أقدرهم الله عليه أن يتجهوا وأن يحاولوا، ولكن تحقق الفعل ووقوعه لا يكون إلا بإرادة من الله وقدر.
فالإنسان قد يتجه ويحاول فعل الخير بالوسائل التي أرشد الله أنها تحقق الخير، ولكن تحقق الخير فعلاً يتم بإرادة الله وقدره، لأنه ليست هناك قدرة غير قدرة الله تنشئ الأشياء والأحداث، وتتحقق ما يقع في هذا الكون من وقائع: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧)} [الأنفال: ١٧].
وإذن يكون تحقق الخير بوسائله التي اتخذها الإنسان، وباتجاه الإنسان وجهده، عملاً من أعمال القدرة الإلهية، فالله أقدره على الفعل، والله سدد رميته فأصاب.
وكذلك الإنسان قد يتجه إلى تحقيق السوء، أو يفعل ما من شأنه إيقاع السوء،