للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن وقوع السوء فعلاً لا يتم إلا بقدرة الله، وقدر الله، لأنه ليس هناك قدرة منشئة للأشياء والأحداث في هذا الكون غير قوة الله.

وفي الحالين يكون وجود الحدث وتحققه من عند الله كما قال سبحانه: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨)} [النساء: ٧٨].

وكذلك الإنسان يسمع ويرى، ويعقل ويفهم، ويريد ويعمل، ويحاسب على إرادته وعمله كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)} [فصلت: ٤٦].

والهدى هدى الله، فمن هداه الله فهو المهتدي حقاً، ومن أضله الله فهو الخاسر حقاً كما قال سبحانه: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٧٨)} [الأعراف: ١٧٨].

والله سبحانه يهدي من يجاهد لطلب الهداية كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].

وكذلك يضل من يبغي الضلال لنفسه، ويعرض عن دلائل الهدى، وموجبات الإيمان، ويغلق قلبه وسمعه وبصره دونها كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} [الأعراف: ١٧٩].

إن مشيئة الله تبارك وتعالى التي يجري بها قدره في الكائن الإنساني:

أنه خلق هذا الإنسان باستعداد مزدوج للهدى والضلال، مع إيداع فطرته إدراك حقيقة الربوبية والاتجاه إليها، ومع إعطائه العقل المميز للضلال والهدى، ومع إرسال الرسل بالبينات، لإيقاظ الفطرة إذا تعطلت، وهداية العقل إذا ضل.

وكذلك اقتضت مشيئة الله أن يجري قدر الله بهداية من يجاهد للهدى، وأن يجري قدر الله كذلك بإضلال من لا يستخدم ما أودعه الله من عقل، وما أعطاه الله من أجهزة الرؤية والسمع في رؤية وإدراك الآيات التي بثها الله في صفحات

<<  <  ج: ص:  >  >>