ومن له عذر من خلقه كالطفل الذي لا يميز، ومن مات في الفترة، والمعتوه والمجنون والأصم، ومن لم تبلغه الدعوة، فهؤلاء لا يعذبهم الله بلا ذنب البتة، وله فيهم حكم آخر في المعاد.
حيث يمتحنون، فمن أطاع منهم أدخله الله الجنة، ومن عصى أدخله النار.
ومن قدر الله له أن يكون سعيداً يكون سعيداً، لكن بالأعمال التي جعله الله يسعد بها.
ومن قدر الله له أن يكون شقياً يكون شقياً، لكن بالأعمال التي جعله الله يشقى بها، والتي من جملتها الاتكال على القدر، وترك الأعمال الواجبة.
والله على كل شيء قدير، أقدر عباده على أشياء، ومنعهم من أشياء.
وما لا يقدر عليه العبد نوعان:
أحدهما: ما هو ممتنع عادة كالمشي على الوجه، والطيران في الهواء ونحوهما.
الثاني: ما هو ممتنع في نفسه كالجمع بين الضدين كالماء والنار، وكالحركة والسكون ونحوهما.
والأسباب كلها مظاره لقدرة الله وجماله وجلاله، وهي نوعان:
أسباب معتادة .. وغريبة.
فالمعتادة: كولادة الإنسان من أبوين، وخروج الثمر من الشجر، وخروج الحليب من البقر، والكلام من اللسان، ونحو ذلك.
والغريبة: كولادة الإنسان من أم فقط كما ولدت مريم عيسى، أو من أب فقط، كما خلقت حواء، أو من غير أبوين كما خلق الله آدم من تراب، وخروج الماء من الحجر لموسى، وانقلاب العصا حية لما ألقاها موسى، وحصول الطعام لمريم في المحراب، ونحو ذلك.
والأسباب التي يحصل بها الرزق، هي من جملة ما قدره الله وكتبه، فإن كان قد تقدم بأن الله يرزق العبد بسعيه واكتسابه ألهمه السعي والاكتساب.
وما قدر الله له من الرزق بغير اكتساب كالميراث والهدية والوصية، يأتيه بغير