للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السحرة: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة: ١٠٢].

والأمر كله لله، والله لا مقيد لمشيئته، فالمشيئة التي تريد النتيجة، هي ذاتها التي تيسر الأسباب.

فلا تعارض بين تعليق النصر بالمشية ووجود الأسباب، وهذا الكون وما يجري فيه كله يسير وفق مشيئة الله: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥)} [الروم: ٤، ٥].

فالعقيدة الصحيحة ترد الأمر كله لله، ولكنها لا تعفي البشر من الأخذ بالأسباب المشروعة، والتي من شأنها أن تظهر النتائج إلى عالم الشهادة والواقع بأمر الله.

أما إن تحقق تلك النتائج فعلاً أو لا تحقق فليس داخلاً في التكليف، لأن مرد ذلك في النهاية إلى تدبير الله، فالتوكل مقيد بالأخذ بالأسباب، ورد الأمر بعد ذلك إلى الله وحده، وهذا محل الابتلاء.

وظاهر الأسباب في الدنيا هو من أساس حكمة الحياة، أن يكون ظاهراً أمامك أن هذا يعطي، وهذا يمنع.

وهذا يستطيع أن يعطيك المال والخير، وهذا يستطيع أن يمنع عنك الرزق.

وأنت إما أن تندفع لإرضاء بشر على حساب معصية الله، وإما أن تلتزم بمنهج الله ولا تخشى أحداً.

فظاهرية الملك .. وظاهرية الأسباب .. لازمة في الحياة الدنيا .. غير لازمة في الآخرة.

ولذلك فإن هذا الظاهر، وهذه الأسباب، كل ذلك يختفي في الآخرة، ويكون الشيء مباشرة من الله لعبيده.

لماذا؟ .. لأن الآخرة هي دار الخلود، وليست مرحلة اختبار للعباد.

فظاهر الملك في الدنيا لأحد غير الله، هو أمر تقتضيه طبيعة الحياة الدنيا، من

<<  <  ج: ص:  >  >>