وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا: أَرَادَ بالحُسْبَان المَرَامِي، قَالَ: والحُسْبَانَةُ: الصاعِقَةُ، والحُسْبَانَةُ: السَّحابَة، والحُسْبانَةُ: الوِسادَةُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الحُسْبَان: سِهَامٌ يَرْمي بهَا الرَّجلُ فِي جَوف قَصَبَةٍ ينْزِع فِي القَوْسِ ثمَّ يَرْمِي بِعِشْرين مِنْهَا، فَلَا تَمرُّ بِشَيْء إِلَّا عَقَرَتْه من صاحِب سِلَاحٍ وَغَيره، فَإِذا نَزَعَ فِي القَصَبة خَرَجَت الحُسْبَانُ كَأَنَّهَا غَيْبَةُ مَطَر فتَفَرَّقَتْ فِي النّاسواحدها حُسْبَانَةٌ، والمَرَامِي مِثْلُ المَسَالِّ رَقيقَةٌ فِيهَا شيءٌ من طول لَا حُرُوف لَهَا.
قَالَ: والقِدْحُ بالحَدِيدَة: مِرْمَاةٌ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَآءِ} (الْكَهْف: ٤٠) .
قَالَ: الحُسْبَانُ فِي اللُّغة: الحِساب.
قَالَ الله عزّ وجلّ: {: ُ: ِالبَيَانَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (الرَّحمان: ٥) أَي بِحِسَاب، قَالَ: فَالْمَعْنى فِي هَذِه الْآيَة أَي يُرْسِل عَلَيْهَا عَذَاب حُسْبَان، وَذَلِكَ الحُسْبَان حِسَابُ مَا كَسَبَتْ يداك.
قلت: وَالَّذِي قَالَه الزّجاج فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة بعيد، وَالْقَوْل مَا قَالَه الأخْفَشُ وَابْن الْأَعرَابِي وَابْن شُمَيْل وَالْمعْنَى وَالله أَعْلَم أَن الله يُرْسِل على جَنَّة الْكَافِر مَرَامِيَ من عَذَاب، إِمَّا بَرَدٌ وَإِمَّا حِجارة أَو غيرهُما مِما شَاءَ فَيُهْلكها ويُبْطِل غَلَّتَها وأَصْلَها.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِسابُ والحِسابةُ: عَدُّك الشيءَ، تَقول: حَسَبْتُ الشَّيْء أَحْسُبُه حِسَابا وحِسابَةً وحِسْبَةً.
وَقَالَ النابِغَةُ:
وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِي ذَلِك العَددِ
وَقَول الله عزّ وجلّ: {يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ} (البَقَرَة: ٢١٢) .
قَالَ بَعضهم: بِغَيْر تَقْدِيرٍ على آخر بِالنُّقْصَانِ، وَقيل: بِغَيْر محاسبة مَا يخَاف أحدا أَن يُحاسِبَه عَلَيْهِ، وَقيل: بغَيْر أَن حَسِبَ المُعْطَى أَنّه يُعْطِيه أعطَاهُ من حَيْث لم يَحْتسِب.
قَالَ: والحِسْبَةُ: مصدر احْتِسابك الْأجر على الله عزّ وجلّ، تَقول: فعلتُه حِسْبَةً، واحْتَسَب فِيهِ احْتِساباً.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: إِنَّه لَحَسَنُ الحِسْبَة فِي الْأَمر إِذا كَانَ حَسَنَ التَّدْبِير فِي الْأَمر وَالنَّظَر فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ من احْتِسابِ الأجْرِ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: احْتَسَبْتُ فلَانا: اخْتَبَرْتُ مَا عِنْدَه، والنساءُ يَحْتسِبن مَا عِنْد الرِّجَالِ لَهُنَّ أَي يَختَبِرْن.
قَالَ: وَيُقَال: احْتَسَبَ فلانٌ ابْناً لَهُ وبنْتاً لَهُ إِذا ماتَا وهما كبيران، وافْتَرَط فَرَطاً إِذا مَاتَ لَهُ وَلَدٌ صَغِير لم يبلغ الْحُلُم.
قلت: وَأما قَول الله جَلَّ وَعَزَّ: {مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍ قَدْراً} (الطّلَاق: ٣) فَجَائِز أَن يكون مَعْنَاهُ من حَيْثُ لَا يُقَدِّرُهُ وَلَا يَظُنّهُ كَائِنا، من حَسِبْتُ أَحْسِب أَي ظَنَنْتُ، وَجَائِز أَن يكون مأخوذاً من حَسبْتُ أَحْسُبُ، أَرَادَ من حَيْثُ لم يَحْسُبْه لنَفسِهِ رزقا وَلَا عَدَّه فِي حِسابه.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَسْبُ والتَّحْسِيبُ: دَفْنُ المَيِّتِ، وأَنْشَد: