النحويُّ، وَأَبُو بكرٍ الأنبارِيُّ فِي كتاب لَهُ ألَّفَهُ فِي اتِّبَاع مَا فِي المصحَفِ الإمَامِ، وَافقه على ذَلِك أَبُو بكرٍ مجاهدُ مُقْرِىء أهلِ العِراق وغيرُه من الاثْبَاتِ المُتْقِنِين. وَلَا يجوز عِنْدِي غيرُ مَا قَالُوا، وَالله يوفقنا للاتّباع وتجنُّبِ الابْتداع، إِنَّه خير مُوَفق وخيرُ مُعين.
وَقَالَ اللَّيْث: التحريفُ فِي الْقُرْآن: تغييرُ الكلِمَةِ عَنْ مَعْنَاهَا وَهِي قريبَةُ الشَّبَهِ، كَمَا كَانَت اليهودُ تُغَير مَعانِيَ التوْراةِ بالأَشْبَاه، فوصَفَهم الله بِفِعْلِهم فَقَالَ {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} (النِّسَاء: ٤٦) قَالَ: وَإِذا مَال إنسانٌ عَن شَيْء يُقَال: تحرّف وانْحَرَفَ واحْرَوْرَف وَأنْشد فِي صفة ثَوْر حفر كناساً فَقَالَ:
وَإِن أصَاب عُدَوَاءَ احْرورفا
قَالَ: والحَرْف النَّاقة الصُّلْبَةُ، شُبهت بِحَرْفِ الْجَبَل.
وَأنْشد:
جُمَالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنَادٌ يَشُلُّهَا
وَظِيفٌ أَزَجُّ الخَطْوِرِيَّانُ سَهْوَق
قَالَ: وهَذَا البَيْتُ يَنْقُضُ تفسيرَ مَنْ قَالَ: نَاقَة حَرْفٌ: أَيْ مَهْزولَةٌ شبهت بحرْفِ كتابَةٍ لِدَقَّتِها وهُزَالِها.
وروى أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرو أَنه قَالَ: الحرْفُ: الناقَةُ الضَّامِرُ، قَالَ: وَقَالَ بعضهُم: شُبهَت بِحَرْف الْجَبَل. قَالَ أَبُو عبيدٍ وَقَالَ الأَصمعيُّ: الحرفُ: المَهْزُولَةُ، وَقَالَ شَمِر: الحَرْفُ من الجَبَلِ: مَا نَتَأَ فِي جَنْبِهِ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الدُّكَّانِ الصغيرِ أَو نحوِه. قَالَ والحرف أَيْضا فِي أعْلَاهُ تَرَى لَهُ حَرْفاً دَقِيقًا مشرفاً على سواءِ ظَهْرِه.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحرْفُ: الشَّكُّ فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} (الحَجّ: ١١) أَي شَكَ.
قَالَ أَبُو العبَّاسِ: والعربُ تَصِفُ الناقَةَ بالحَرْفِ لأَنَّها ضَامِرٌ، وتُشَبَّهُ بالحَرْفِ من حُرُوفِ المُعْجَم، وَهُوَ الأَلِفُ. وتشبَّه بِحَرْفِ الجبَل إِذا وصفت بالعِظَم. قَالَ هَذَا فِي تَفْسِير قَول كَعْب:
حَرْف أَخُوهَا أَبوهَا من مهجَّنة
وَقَالَ اللَّيْث: الْحُرْفُ: حَبٌّ كالخَرْدَلِ، الْوَاحِدَة حُرْفَةٌ. قَالَ: والمُحَارَفَةُ: المُقَايَسَةُ بالمِحْرَافِ، وَهُوَ المِيلُ الَّذِي يُسْبَرُ بِهِ الجِرَاحَاتُ وَأنْشد:
كَمَا زَلَّ عَنْ رَأْسِ الشّجِيج المُحَارِف
أَبُو عُبَيْدٍ عَن أبي زيدٍ: أَحْرَفَ الرجلُ إِحرافاً إِذا نما مَالُه وصَلُحَ. ورُوِيَ عَن ابنِ مسعودٍ أَنه قَالَ: موت المؤمِنِ بِعَرَق الجبين تبقَى عَلَيْهِ البقيَّةُ من الذُّنُوبِ فَيحَارَفُ عِنْد الْمَوْت أَي يُقَايَسُ بهَا فَيكون كَفَّارَة لذنوبه. وَمعنى عَرَقِ الجبينِ شدّةُ السيَاق. وَيُقَال: لَا تُحَارِفْ أخَاكَ بالسوءِ: أَي لَا تُجَازِهِ بِسُوءِ صَنِيعِه تُقَايِسْه، وأحْسِنْ إِذَا أَساءَ، واصْفَحْ عَنهُ. وَيُقَال للمَحْرومِ الَّذِي قُترَ عَلَيْهِ رزْقُه مُحَارَفٌ. حدَّثَنَا عبدُ الله بنُ عُرْوَةَ عَن أبي بكرٍ بن زَنْجَوَيْهِ عَن محمدِ بن يوسفَ عَن سفيانَ قَالَ حَدثنَا أَو إسحاقَ عَن قسر ابْن كركم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ُِيَسْتَغْفِرُونَ وَفِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ}