كَمْ قَدْ نزلْتُ بِكُمْ ضيفاً فَتَلْحفُني
فضْلَ اللحافِ ونِعْمَ الفضْلُ يُلْتَحَفُ
قَالَ أَرادَ: أعْطَيْتَنِي فضل عَطَائِكَ وجُودِك، وَقد لَحَفَهُ فضْلَ لِحَافِه، إِذا أَنَالَه معروفَه وفضلَه وزوَّده.
أَبُو عُبَيْد عَن الْكسَائي: لَحَفْتُه وأَلْحفْتُه بِمَعْنى وَاحِد، وَأنْشد بيتَ طَرَفَة:
ورُوي عَن عائشةَ أَنَّهَا قالتْ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُصَلّي فِي شُعُرنا وَلَا فِي لُحُفِنَا.
قَالَ أَبُو عبيد اللحَافُ كُلُّ مَا تَغَطَّيْتَ بِه فقد الْتَحَفْتَ بِهِ، ولَحَفْتُ الرجلَ أَلْحفُه إِذا فعلْتَ بِهِ ذَلِك يَعْنِي إِذا غَطّيْتَه.
وَقَول طرفَة:
يلحفون الأَرْض هدَّاب الأزر
أَي يُغَطُّونَها ويُلْبِسونَها هدّاب أزُرِهِم إِذا جرُّوها فِي الأرْضِ.
قلتُ وَيُقَال لذَلِك الثوبِ لِحَافٌ ومِلْحَفٌ بِمَعْنى واحدٍ كَمَا يُقَال إزَار وَمِئْزَرٌ وقِرَامٌ ومِقْرمٌ. وَقد يُقَال مِلْحَفَةٌ ومِقْرَمَة سَوَاء كَانَ الثَّوْب سُمْطاً أَو مُبَطَّناً يُقَال لَهُ لِحافُ، وَقد تَلَحَّف فلانٌ بالملْحَفَةِ والْتَحَفَ بِها إِذا تَغَطَّى بهَا. والملحفة عِنْد الْعَرَب هِيَ المُلاءةُ السمْط فَإِذا بُطنَتْ بِبِطَانَةٍ أَو حُشِيتْ فَهِيَ عِنْد عوامّ النَّاس مِلْحَفةٌ. وَالْعرب لَا تعرفُ ذَلِك.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لَا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (البَقَرَة: ٢٧٣) رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (من سَأَل وَله أَرْبَعُون دِرْهَماً فقد أَلْحفَ) . قَالَ وَمعنى أَلْحَفَ أَي شَمِلَ بِالْمَسْأَلَة وَهُوَ مستغنٍ عَنْهَا، قَالَ واللّحاف من هَذَا اشتقاقُه لِأَنَّهُ يَشْمَل الإنسانَ فِي التَغْطية. قَالَ: وَالْمعْنَى فِي قَوْله {لَا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} أَي لَيْسَ مِنْهُم سُؤَالٌ فيكونَ إلحَافٌ كَمَا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
على لَاحِب لَا يُهْتَدى بِمنَارِه
الْمَعْنى لَيْسَ بِهِ منار فَيُهتدَى بِهِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ من هَؤُلَاءِ سؤالٌ فيقعَ فِيهِ إِلْحَافٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الإلْحَافُ شدَّةُ الإلحاح فِي الْمَسْأَلَة. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَلْحفَ الرجلُ إِذا مَشَى فِي لِحْفِ الْجَبَل وَهُوَ أصْلُه قَالَ وأَلْحَفَ إِذا آثَر ضَيْفَه بفراشِه ولحافِه فِي الْحَليت وَهُوَ الثَّلج الدائمُ والأريزُ البارِدُ وأَلْحَفَ وَلَحَّف إِذا جَرَّ إزَارَه على الأَرْضِ خُيَلاءَ وبطراً، وَأنْشد قَول طرفَة. وَيُقَال فلَان حسن اللحفة وَهِي الحالةُ الَّتِي يَتَلَحف بهَا.
فلح: قَالَ اللَّيْث: الفَلَاح والفَلَحُ السَّحُور، وَهُوَ البقاءُ فِي الْخيْر. وَفِي الأَذَان حيَّ على الفَلاح، يَعْنِي هَلُمّ على بَقَاءِ الْخَيْرِ. وَقَالَ غَيره حيّ أَي عجل وأَسْرِع على الفَلَاح، مَعْنَاهُ إِلَى الْفَوْز بِالْبَقَاءِ الدَّائِم.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت: الفَلَحُ والفَلَاح البَقَاءُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
ولَئِنْ كُنَّا كَقَوْمٍ هَلَكُوا
مَا لحيَ يِا لَقَوْمٍ من فَلَح
وَقَالَ عديّ:
ثمَّ بَعْد الفَلَاحِ والرُّشدِ ولاُّمَّة
وارتْهُمُ هُنَاكَ قُبُور