قَالَ: والفَلَحُ السَّحُورُ، وَجَاء فِي الحَدِيث صَلَّيْنَا مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى خَشِينَا أَن يفوتَ الفَلَحُ. وَقَالَ أَبُو عبيد فِي حَدِيث (حَتَّى خشينا أَن يفوتنا الْفَلاح) قَالَ وَفِي الحَدِيث (قيل وَمَا الْفَلاح قَالَ السّحُور) قَالَ، وأصْلُ الفلاحِ البقاءُ وَأنْشد للأضبط ابْن قريع السَّعْدِيّ:
لِكُل هِمَ من الهُمُوم سَعَهْ
والمُسْيُ والصُّبْحُ لَا فَلَاحَ مَعَه
يَقُول لَيْسَ مَعَ كرّ اللَّيَالِي والنَّهارِ بقاءٌ، قَالَ وَمِنْه قَول عبيد بن الأبرص:
أَفْلِحْ بِمَا شِئْتَ فَقَدْ يُبْلَغُ بالضع
ف وقَدْ يُخْدَعُ الأَرِيبُ
يَقُول عِشْ بِمَا شِئْتَ من عقلٍ وحمْق فقد يُرْزَقُ الأَحْمَقُ ويُحْرَمُ العاقِلُ. قَالَ وإنَّما قيل لأهل الجنّة: مُفْلِحُون، لفوزِهمْ بِبَقَاء الأَبَد، فَكَأَنَّ مَعْنَى فَلاحِ السَّحُورِ أَنَّ بِهِ بقاءَ الصومِ.
وَفِي حديثِ ابْن مسعودٍ أَنه قَالَ: إِذا قَالَ الرَّجُلُ لامْرَأَته استَفْلِحي بأمْرِكِ، قَالَ أَبُو عبيد قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ اظْفَرِي بأَمْرِك وفُوزِي بأمْرِك واستبدي بأمْرِك. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله: {وَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (البَقَرة: ٥) يُقَال لكلّ من أصَاب خيرا مُفْلِحٌ. وَقَالَ الليثُ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى} (طاه: ٦٤) أَي ظَفِرَ بالمُلْكِ مَنْ غَلَب.
قَالَ والفَلَاّحُ الأَكَّارُ، وَإِنَّمَا قِيل فلاحٌ لِأَنَّهُ يَفْلَحُ الأرضَ أَي يَشُقُّها قَالَ والفَلَحُ الشقُّ فِي الشفةِ وَفِي وسَطِها دون العَلَمِ، وَرجل أَفْلَحُ وامرأةٌ فَلْحاءُ. الحرَّانِيُّ عَن ابْن السّكيت: الفَلْحُ فَلَحْتُ الأرضَ إِذا شَقَقْتُها للزِّرَاعَة. قَالَ: والفَلَحُ شقّ فِي الشَّفَةِ السُّفْلى. وَقَالَ غَيره فَإِذا كَانَ فِي العُلْيا فَهُوَ عَلَمٌ وَقَالَ أَبُو عبيد عَن أبي زيد مثله وَأنْشد:
وعَنْتَرَةُ الْفَلْحَاءُ جَاءَ ملأماً
كَأَنَّك فِنْد من عَماية أسودُ
وَيُقَال أفْلَحْتُ الأرْضَ إِذا شَقَقْتَها للحَرْثِ. وَقَالَ الزجَّاجُ الفلَاّح الأكَّار والفِلاحَةُ صِنَاعتُه. قَالَ وَيُقَال: فلحت الْحَدِيد إِذا قطعته وَأنْشد:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْلُك يَا بْنَ الصَّحْصَحْ
أَنَّ الحَدِيدَ بالحدِيدِ يُفْلَحْ
قَالَ: يُقَال للمُكَارِي فلَاّحٌ، وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ فَلَاّحٌ تَشْبيهاً بالأكَّار، وَمِنْه قَول عَمْرو بن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ:
لَهَا رِطْلٌ تكِيلُ الزَّيْتَ فيهِ
وفَلَاّحٌ يسوقُ لَها حِمَاراً
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: فَلَحْتُ للقَوْمِ وبالقوم أفْلَحُ فِلَاحةً وَهُوَ أَن يُزَين البيعَ وَالشِّرَاء للبائِع والمشترِي. قَالَ وفَلَّحْتُ بهم تَفْلِيحاً إِذا مكَرَ بهم، وقالَ لَهُمْ غيرَ الحقّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَلْحُ النَجْسُ وَهُوَ زِيَادَة المكْترِي ليزِيد غيرُه فيُغَرُّ بِهِ. والتَّفْلِيحُ المكْرُ والاستهْزاء، وَقَالَ أَعْرَابِي: قد فلّحوا بِي: أَيْ مَكَرُوا بِي.
لفح: قَالَ اللَّيْث: تَقول لَفَحتْهُ النَّارُ إذَا أَصَابَتْ أَعالِيَ جَسَدِه فأَحْرَقَتْ. والسَّمُومُ