للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ الْغَالِب على الكسائيّ اللغاتِ والعِللَ وَالْإِعْرَاب، وعلْم الْقُرْآن وَهُوَ ثِقَة مَأْمُون، واختياراته فِي حُرُوف الْقُرْآن حَسَنَة، وَالله يغْفر لنا وَله.

وَأما أَبُو مُحَمَّد يحيى بن المبارَك اليزيدي: فَإِنَّهُ جالسَ أَبَا عَمْرو بن الْعَلَاء دهراً، وَحفظ حروفَه فِي الْقُرْآن حِفظاً زيْناً، وَضبط مذاهبه فِيهَا ضبطاً لَا يتقدمه أحد من أَصْحَاب أبي عَمْرو. وَكَانَ فِي النَّحْو والعلل ومقاييسها مبرِّزاً، وجالسَه أَبُو عبيد فاستكثَر عَنهُ.

وأقرأني الإياديّ عَن شِمر لأبي عبيدٍ عَن اليزيدي أَنه قَالَ: سَأَلَني المهديّ وَسَأَلَ الكسائيّ عَن النِّسْبَة إِلَى الْبَحْرين، وَعَن النِّسْبَة إِلَى حصْنَين لم قَالُوا رجل حصْنيّ وَرجل بحرانيّ؟ قَالَ: فَقَالَ الكسائيّ: كَرهُوا أَن يَقُولُوا حِصْناني لِاجْتِمَاع النُّونين. قَالَ: وَقلت أَنا: كَرهُوا أَن يَقُولُوا بحريّ فَيُشبه النِّسْبَة إِلَى الْبَحْر.

قَالَ شِمر: وَقَالَ اليزيديُّ بَيْتا فِي الكسائيّ:

إِن الكسائيَّ وَأَصْحَابه

ينحطُّ فِي النَّحْو إِلَى أَسْفَل

ولليزيديّ كتابٌ فِي (النَّحْو) ، وكتابٌ فِي (الْمَقْصُور والممدود) ، وَبَلغنِي أنّ لَهُ كتابا فِي (النَّوَادِر) ، وَهُوَ فِي الْجُمْلَة ثِقَة مَأْمُون حسنُ الْبَيَان جيّد الْمعرفَة، أحدُ الْأَعْلَام الَّذين شُهِروا بِعلم اللُّغَات وَالْإِعْرَاب.

وَأما النَّضر بن شُمَيل المازنيّ: فإنّه لزمَ الخليلَ بن أَحْمد أعواماً، وَأقَام بِالْبَصْرَةِ دهراً طَويلا. وَكَانَ يدخُل المِرْبَد وَيلقى الْأَعْرَاب ويستفيد من لغاتهم وَقد كتب الحديثَ ولقيَ الرِّجال. وَكَانَ ورِعاً ديِّناً صَدُوقًا. وَله مصنفاتٌ كَثِيرَة فِي (الصِّفَات) و (الْمنطق) و (النَّوَادِر) . وَكَانَ شِمْر بن حَمْدُويةَ صرفَ اهتمامه إِلَى كتبه فسمِعها من أَحْمد بن الحَريِش، القَاضِي كانَ بَهرَاةَ أَيَّام الطاهرية.

فَمَا عَزَيت فِي كتابي إِلَى ابْن شُميل فَهُوَ من هَذِه الْجِهَة، إلاّ مَا كَانَ مِنْهَا فِي تَفْسِير (غَرِيب الحَدِيث) ، فإنّ تِلْكَ الْحُرُوف رَوَاهَا عَن النَّضر أَبُو دَاوُد سُليمان بن سَلْم المصاحفي، رَوَاهَا عَن أبي دَاوُد عبد الصَّمد بن الْفضل الْبَلْخِي، وَرَوَاهَا لنا عَن عبد الصَّمد أَبُو عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى القَرَّاب، شيخ ثِقَة من مَشَايِخنَا. وحملتْ نسختُه المسموعة بعد وَفَاته إليّ. فَمَا كَانَ فِي كتابي معزيا إِلَى النَّضر رِوَايَة أبي دَاوُد فَهُوَ من هَذِه الْجِهَة.

وَتُوفِّي النَّضر سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ ح.

وَمن متأخّري هَذِه الطَّبَقَة عليّ بن الْمُبَارك الْأَحْمَر: الَّذِي يروِي عَنهُ أَبُو عبيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>