للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وحدّثني المنذريّ عَن أبي جَعْفَر الغسّاني عَن سَلمَة أَنه قَالَ: كَانَ الْأَحْمَر يحفظ ثَلَاثِينَ ألف بيتٍ من الْمعَانِي والشواهد، فَأَتَاهُ سيبويهِ فناظرَه، فأفحمه الْأَحْمَر. وَكَانَ مَرُّوذياً وَهُوَ أوّل من دوّن عَن الْكسَائي. قَالَ: وَقَالَ الْفراء: أتيتُ الكسائيَّ وَإِذا الأحمرُ عِنْده، غلامٌ أشقر، يسْأَله ويكتُب عَنهُ فِي ألواحٍ وَقد بَقَلَ وجههُ. ثمَّ برَّز حَتَّى كَانَ الْفراء يَأْخُذ عَنهُ. وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ النَّحْو والغريب والمعاني.

وَمَا وَقع فِي كتابي لأبي عبيد عَن الْأَحْمَر فَهُوَ سماعٌ على مَا بيّنتُه لَك من الْجِهَات الثَّلَاث.

وَمِنْهُم: أَبُو زَكَرِيَّاء يحيى بن زِيَاد الفرّاء: وَكَانَ أَخذ النَّحْو والغريبَ والنوادر والقراءات ومعاني الْقُرْآن عَن الكسائيّ، ثمَّ برَّز بعده وصنَّف كتبا حسانا أملاها بِبَغْدَاد عَن ظهر قلبه.

وَمن مؤلّفاته كِتَابه فِي (مَعَاني الْقُرْآن وَإِعْرَابه) ، أَخْبرنِي بِهِ أَبُو الْفضل بن أبي جعفرٍ المنذريّ عَن أبي طَالب بن سَلمَة عَن أَبِيه عَن الْفراء، لم يفُتْهُ من الْكتاب كلِّه إلاّ مِقْدَار ثَلَاثَة أوراق فِي سُورَة الزخرف. فَمَا وَقع فِي كتابي للفراء فِي تَفْسِير الْقُرْآن وَإِعْرَابه فَهُوَ مِمَّا صحَّ رِوَايَة من هَذِه الْجِهَة. وللفراء كتابٌ فِي (النَّوَادِر) أسمَعنيه أَبُو الْفضل بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَله بعدُ كتبٌ مِنْهَا كتابٌ فِي (مصَادر الْقُرْآن) ، وكتابٌ فِي (الْجمع والتثنية) ، وكتابٌ فِي (التَّأْنِيث والتذكير) ، وكتابٌ فِي (الْمَمْدُود والمقصور) ، وكتابٌ يُعرَف بيافع ويَفَعةٍ. وَله فِي النَّحْو (الْكتاب الْكَبِير) . وَهُوَ ثِقَة مَأْمُون. قَالَه أَبُو عبيدٍ وَغَيره. وَكَانَ من أهل السُّنّة، ومذاهبه فِي التَّفْسِير حَسَنَة.

وَمن هَذِه الطَّبَقَة: عَمْرو بن عُثْمَان، الملقّب بسيبويه، النحويّ: وَله (كتابٌ) كَبِير فِي النَّحْو. وَكَانَ علاّمةً حسنَ التصنيف، جَالس الْخَلِيل بن أَحْمد وَأخذ عَنهُ مذاهبَه فِي النَّحْو، وَمَا علمت أحدا سمع مِنْهُ (كتابَه) هَذَا، لأنّه اخْتُضِرَ وأسرعَ إِلَيْهِ الْمَوْت. وَقد نظرتُ فِي كِتَابه فرأيتُ فِيهِ علما جمًّا. وَكَانَ أَبُو عُثْمَان المازنيّ وَأَبُو عُمَر الجرميُّ، يحتذيان حذوَه فِي النَّحْو، وربّما خالفوه فِي العَلَل. وَكَانَ سِيبَوَيْهٍ قدِم بَغْدَاد ثمَّ عَاد إِلَى مسْقط رَأسه بالأهواز فَمَاتَ وَقد نيَّف على الْأَرْبَعين.

وَمِنْهُم: عبد الرَّحْمَن بن بُزْرُج: وَكَانَ حَافِظًا للغريب وللنوادر. وقرأتُ لَهُ كتابا بخطّ أبي الْهَيْثَم الرازيّ فِي (النَّوَادِر) ، فاستحسنتُه ووجدتُ فِيهِ فوائدَ كَثِيرَة. ورأيتُ لَهُ حروفاً فِي كتب شِمْر الَّتِي قرأتُها بخطِّه. فَمَا وَقع فِي كتابي لِابْنِ بُزْرُجَ فَهُوَ من هَذِه الْجِهَات.

<<  <  ج: ص:  >  >>