للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلَان بِمَرْوَحَةٍ أَي بِمَمَر الرّيح. والمِرْوحة بِكَسْر الْمِيم الَّتِي يُتَرَوَّح بهَا.

شمر عَن ابْن شُمَيْل: الرَّاحة الأَرْض المستوية فِيهَا ظهورٌ واستواءٌ تُنْبِتُ كثيرا، جَلَدٌ من الأَرْض وَفِي أَمَاكِن مِنْهَا سهولٌ أَو جراثيمُ، وَلَيْسَت من السَّيْل فِي شَيْء وَلَا الْوَادي. وَجَمعهَا الرّاح، كَثِيرَة النَّبْتِ.

أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال أَتَانَا فلانٌ وَمَا فِي وَجهه رَائِحَة دَمٍ من الفَرَق، وَذُو الرَّاحَة سيفٌ كَانَ للمختار بن أبي عبيد.

وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: دَلَكَتْ بِرَاحٍ قَالَ مَعْنَاهُ أستريح مِنْهَا، وَقَالَ فِي قَول الْقَائِل:

مُعَاوِيَ مَنْ ذَا تَجْعَلُونَ مكانَنَا

إِذا دَلَكَتْ شمسُ النَّهارِ بِرَاحِ

يَقُول إِذا أظلم النّهار واستُريح من حرّها يَعْنِي الشمسَ، لما غشيها من غَبَرة الْحَرْب فَكَأَنَّهَا غاربة كَقَوْلِه:

تَبْدُ كَواكِبُه والشمسُ طَالِعةٌ

لَا النُّورُ نُورٌ وَلَا الإِظْلَامُ إِظْلَامُ

وَقيل: دَلكَتْ بِرَاحٍ أَي غَرُبت، والناظر إِليها يَتَوَقَّى شُعاعَها براحَتِه.

وَقَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي الرُّوح والنَّفْس واحِدٌ، غيرَ أَن الرُّوح مذكَّر والنفْس مُؤَنّثَة عِنْد الْعَرَب.

قلت: وَقد أَلَّفْتُ فِي الرُّوح وَمَا جَاءَ فِيهِ فِي الْقُرْآن وَالسّنة كتابا جَامعا واقتصرت فِي هَذَا الْكتاب على مَا جَاءَ عَن أهل اللُّغَةِ مَعَ جوامعَ ذكرتُها للمفسّرين. فأمّا قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى} (الإسرَاء: ٨٥) فَإِن المنذريَّ أخبرنَا عَن مُحَمَّد بن مُوسَى النَّهرتيري عَن أبي مَعْمَرٍ عَن عبد السَّلَام بن حَرْب عَن خُصَيْفٍ عَن مُجاهد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} قل إِن الرّوح قد نزل من الْقُرْآن بمنَازِلَ وَلَكِن قُولُوا كَمَا قَالَ الله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً} (الإسرَاء: ٨٥) ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْيَهُود سأَلُوه عَن الرُّوح فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة.

وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الْفراء أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى} قَالَ من عِلْمِ ربّي أَي أَنكُمْ لَا تعلمونه.

قَالَ الْفراء: والرُّوحُ هُوَ الَّذِي يعِيش بِهِ الإنسانُ لم يُخْبِر اللَّهُ بِهِ أَحداً من خلقه، وَلم يُعْطِ عِلْمَه العِبادَ.

قَالَ: وَقَوله: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى} (الحِجر: ٢٩) فَهَذَا الَّذِي نَفَخَه فِي آدمَ وَفينَا لم يُعْطِ علمه أحدا من عباده.

قَالَ: وَسمعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول الرُّوحُ إِنَّمَا هُوَ النَّفَسُ الَّذِي يتنفَّسُه الْإِنْسَان، وَهُوَ جَارٍ فِي جَمِيع الْجَسَد فَإِذا خرج لم يتنفَّسْ بعد خُرُوجه وَإِذا تَتَامَّ خُروجه بَقِي بَصَره شاخصاً نَحوه حَتَّى يُغَصَّ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ جَان. قَالَ: وَقَول الله جلَّ وعزَّ فِي قصَّة مَرْيَم: {فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} (مَرْيَم: ١٧) قَالَ: أضَاف الرُّوحَ المُرْسَلَ إِلَى مَرْيم إِلى نَفسه كَمَا تَقول: أَرْضُ اللَّهِ وسماؤُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>