للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأنْشد أَبُو عبيدٍ:

فَبعثتُها تَقِصُ المقاصرَ بَعْدَمَا

كَرَبتْ حياةُ الليْل للمُتَنَوِّر

والقصرُ: الحَبْسُ.

وَقَالَ الله تَعَالَى: {تُكَذِّبَانِ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِى الْخِيَامِ} (الرَّحْمَن: ٧٢) ، أَي: محبوساتٌ فِي خيامٍ منَ الدُّرِّ مخَدَّراتٌ على أزواجهنّ فِي الجنةِ، وامرأةٌ مقصورَةٌ.

وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْله: {حُورٌ} قصرن على أزواجهنّ أَي: حُبِسنَ فَلَا يُرِدنَ غَيرهم وَلَا يَطْمَحْن إِلَى مَن سواهُم.

قَالَ: والعربُ تسمَّي الحَجَلة المقصورَة، والقَصُورةَ وَتسَمى المقصورَةَ منَ النِّسَاء القصُورَة. وَأنْشد:

لعَمْرِي لقَدْ حبْبْتِ كلَّ قصورة

إليَّ وَمَا تَدْرِي بذاكَ القصائرُ

عنَيتُ قَصُورَات الحجالِ وَلم أرِد

قِصارَ الخطى شرُّ النِّسَاء البَحاترُ

وَقَالَ غَيره: إِذا قَالُوا قصيرةٌ للْمَرْأَة أَرَادوا قِصرَ الْقَامَة ويجمَعْن قِصاراً.

وَأما قَوْله جلّ وَعز: { (وَشَرَابٍ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} (ص: ٥٢) ، فَإِن الْفراء وغيرَه قَالُوا: قاصراتُ الطرْفِ حورٌ قد قصرْن طرفهنَّ على أزواجهنَّ لَا ينظرن إِلَى غَيرهم.

وَأنْشد الْفراء:

من القاصرَاتِ الطرْف لَو دَبَّ مُحوِلٌ

منَ الذرِّ فوْق الإتب مِنْهَا لأثرا

وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة مقصورةُ الخطو شُبِّهتْ بالمقيد الَّذِي يقصرُ القيدُ خطوَه، وَيُقَال لَهَا قصيرُ الخطى. وَأنْشد:

قصيرُ الخُطى مَا تقربُ الجيرة القُصَى

وَلَا الأنَسَ الأدنين إِلَّا تجشّما

والقصَّارُ: يقصُرُ الثَّوْب قصراً وحرفَتُه القِصارةُ.

قَالَ: وجاءتْ نادرةٌ فِي شِعره الْأَعْشَى، وَذَلِكَ أنهُ جَمَعَ قَصِيرَة عَلَى قِصارَةٍ؛ فَقَالَ:

لَا نَاقصي حَسَبٍ وَلَا

أيْدٍ إِذا مُدَّتْ قِصارهْ

قَالَ الْفراء: والعربُ تُدخِلُ الْهَاء فِي كل جمع على فِعال، يَقُولُونَ: الْجِمالة والحبالة، والذكارة وَالْحِجَارَة، قَالَ الله تَعَالَى: {كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} (المرسلات: ٣٣) .

وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أبلغْ هَذَا الْكَلَام بني فلانٍ قَصْرَةً ومَقْصورة، أَي: دون النَّاس.

أَبُو عبيد قَالَ الْكسَائي: هُوَ ابنُ عَمه قُصْرَةً ومقصورَةً إِذا كَانَ ابْن عَمه لَحّاً.

وَقَالَ الله جلّ وَعز: {اللَّهَبِ إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (المرسلات: ٣٢) .

قَالَ الْفراء: يُرِيد القصرَ من قصُور مياه الْعَرَب، وتوحيدُه وجمعُه عرَبيان، وَمثله:

<<  <  ج: ص:  >  >>