قَالَ: وَقَالَ أَعرابيٌّ لصبيان رَآهُمْ هؤلاءِ فِرْقُ سوء.
قَالَ: والفَريق: الطَّائِفَة من النَّاس، وَهم أَكثر من الفِرْق. وَالفُرقة: مصدر الِافْتِرَاق.
قلت: الفُرْقة: اسْم يوضع مَوضِع الْمصدر الْحَقِيقِيّ من الِافْتِرَاق.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} (الْأَنْفَال: ٤١) .
قَالَ أَبو إِسْحَاق: يَوْم الفُرقان هُوَ يومُ بَدْر، لأنَّ الله جلَّ وعَزّ أَظهرَ فِيهِ مِن نَصْره مَا كَانَ فِيهِ فُرقانٌ بَين الْحق وَالباطل. وَنحو ذَلِك قَالَه اللَّيْث.
قَالَ: وَسمَّى الله عُمر الفاروقَ لِأَنَّهُ ضرب بِالْحَقِّ على لِسَانه فِي حَدِيث ذكره.
حدّثنا عُثْمَان عَن جرير عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا} (الْأَنْفَال: ٢٩) .
قَالَ عُثْمَان: وَحدثنا يحيى بن يمَان عَن سُفْيَان عَن أَبِيه عَن مُنْذر الثَّوْريّ عَن الرّبيع بن خَيْثَم: {إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا} ، قَالَ: من كل أَمرٍ ضاقَ على النَّاس.
وَحدثنا الْحسن عَن عُثْمَان عَن ابْن نمير عَن وَرقاء عَن ابْن أَبي نجيح عَن مُجَاهِد: (يَوْم الْفرْقَان) ، قَالَ: يَوْم بدر، فرق فِيهِ بَين الْحق وَالباطل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَالْكسَائِيّ قَالَ: إِذا أَخذ الناقةَ المخاضُ فندَّت فِي الأَرْض فَهِيَ فَارق، وَجمعها فُرق، وَقد فرقت تفرق فروقاً وَنحو ذَلِك قَالَ اللَّيْث.
قَالَ: وَكذلك السحابة المنفردة لَا تخلِف، وَربما كَانَ قبلَها رَعْدٌ وَبَرَق.
وَقال ذُو الرّمة:
أَو مُزنةٌ فارقٌ يجلو غواربَها
تَبَوُّجُ الْبَرْق والظّلماءُ علجومُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَفْرقْنا إبلَنا العامَ، إِذا حَلَّوها فِي المَرعَى والكَلأ لم ينتجوها وَلم يُلقِحوها.
وَقَالَ اللَّيْث: والمطعون إِذا برأَ قيل: أفرَقَ يُفْرِق إفراقاً.
قلت: وَكَذَلِكَ كلُّ عليل أَفَاق من علّته فقد أفرَقَ.
وانفَرَقَ الْبَحْر وانفَلق واحدٌ.
قَالَ: وَهُوَ الغَرَقَ والفَلَق للفجر.
وأَنشد:
حتَّى إِذا انشقَّ عَن إنسانه فَرَقٌ
هادِيه فِي أخريات اللَّيْل منتصبُ
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتَوَضَّأ بالمُدّ ويَغْتسل بالصَّاع.
وَقَالَت عَائِشَة: (كنت أَغْتَسِل مَعَه عَلَيْهِ السَّلَام من إناءٍ يُقَال لَهُ: الفَرَق) .