فَإِذا تفرَّقوا ذهبت عَنْهُم اسمُ الرُّفْقة.
قلت: وجمعُ الرفْقة رُفَق ورِفَاق.
والرُّفقة: الْقَوْم ينهضون فِي سَفَرٍ يَسِيرُونَ مَعًا، وينزلون مَعًا وَلَا يفترقون، وَأكْثر مَا يسمَّون رُفقةً: إِذا نهضوا مُيَّاراً.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّفق: لين الْجَانِب ولَطافة الفِعل، وصاحبُه رَفِيق، وَقد رفَقَ يَرْفُق. وَإِذا أمرتَ قلتَ: رفقا، وَمَعْنَاهُ: رُفق رِفقاً. وَيُقَال: رَفُقَ يرفُق أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد والأصمعي: رفقتُ بِهِ وأرفقْتُه.
شمِر عَن ابْن الْأَعرَابِي: رفَقَ: انتظَر، ورَفُق: إِذا كَانَ رَقِيقا بِالْعَمَلِ.
قَالَ شمر: وَيُقَال: رَفَق بِهِ ورَفُقَ بِهِ، ورَفِيق بِهِ، وهما رفيقانِ وهم رُفقاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: رفَق الله بك ورَفَق عَلَيْك رِفقاً ومَرْفِقاً، وأَرْفَقك الله إرفاقاً.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقاً} (النِّسَاء: ٦٩) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: يَعْنِي النبيَّين عَلَيْهِم السَّلَام، لِأَنَّهُ قَالَ: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَائِكَ} يَعْنِي المطيعين، {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَآءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقاً} يَعْنِي الْأَنْبِيَاء وَمن مَعَهم.
قَالَ: ورفيقاً مَنْصُوب على التَّمْيِيز يَنُوب عَن رُفقاء.
وَقَالَ الْفراء: لَا يجوز أَن يَنُوب الْوَاحِد عَن الْجَمِيع إِلَّا أَن يكون من أَسمَاء الفاعلين، لَا يجوز حسن أُولَئِكَ رجلا. وَأَجَازَهُ الزّجاج. وَقَالَ: وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خُيِّر عِنْد مَوته بَين الْبَقَاء فِي الدُّنْيَا وَنَعِيمهَا وَبَين مَا عِنْد الله مَقْبُوضا إِلَيْهِ، فَاخْتَارَ مَا عندَ الله.
وَقَالَ: (بل أختارُ أَن أكون مَعَ الرفيق الْأَعْلَى) أَرَادَ بالرفيق الأعْلى جمع النبيِّين، وَهُوَ قَوْله عز وَجل: {وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقاً} . وَلما كَانَ الرفيق مشتقاً مِن فِعلٍ جَازَ أَن يَنُوب عَن الرفَقاء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُجمع الرفيق: رُفقاء.
قَالَ: ورفيقك: الَّذِي يرافِقك فِي السّفر، يجمعُك وإياه رُفقةٌ وَاحِدَة، وَقد ترافَقوا وارتفَقوا، وَالْوَاحد مِنْهُم رَفيق، والجميع أَيْضا رَفِيق.
قَالَ: وَيُقَال: هَذَا الْأَمر بك رَفيق ورافق عَلَيْك.
وَقَالَ شمر فِي حَدِيث عَائِشَة: (فوجدتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَثقُل فِي حِجري) .
قَالَت: (فذهبتُ أنظرُ فِي وَجهه فَإِذا بَصَرُه قد شَخص وَهُوَ يَقُول: بل الرفيق الْأَعْلَى من الجَنَّة. وقُبض) .
حدَّثنا السَّعْدِيّ قَالَ: حَدثنَا ابْن عَفَّان عَن ابْن نمير عَن الْأَعْمَش عَن مُسلم بن صُبيح