للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: غلط فِي تَفْسِير قوزع أَنه بِمَعْنى تنفيشه قنازعَه، وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ لجَاز فنْزَع. وَهَذَا حرفٌ لهج بِهِ عوامُّ أهلِ الْعرَاق وصبيانهم، يَقُولُونَ: قنْزع الديك، إِذا فرَّ من الديك الَّذِي يقاتله. وَقد وضع أَبُو حَاتِم هَذَا الْحَرْف فِي (بَاب المزال المفسَد) ، وَقَالَ: صَوَابه قوزع. وَكَذَلِكَ ابْن السّكيت وَضعه فِي (بَاب مَا تلحن فِيهِ العامّة) . وروى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: العامّة تَقول للديكين إِذا اقتتلا فهربَ أَحدهمَا: قنْزعَ الديك، وَإِنَّمَا يُقَال قوزع الديك إِذا غُلِب، وَلَا يُقَال قنْزعَ.

قلت: وظنَّ البشتيُّ بحَدْسه وَقلة مَعْرفَته أَنه مَأْخُوذ من القنْزعة فَأَخْطَأَ فِي ظنّه. وَإِنَّمَا قوزعَ فَوعل من يقزَع، إِذا خفَّ فِي عَدْوه، كَمَا يُقَال قَونَس وَأَصله قنس.

وَقَالَ البشتيّ فِي (بَاب الْعين وَالضَّاد) قَالَ: العيضوم: الْمَرْأَة الْكَثِيرَة الْأكل.

قلت: وَهَذَا تَصْحِيف قبيحٌ دالٌ على قلَّة مبالاة الْمُؤلف إِذا صحَّف، وَالصَّوَاب العيصوم بالصَّاد، كَذَلِك رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الْأَعرَابِي. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: هِيَ العَصُوم للْمَرْأَة إِذا كثر أكلُها، وَإِنَّمَا قيل لَهَا عَصوم وعيصوم لأنّ كثرةَ أكلهَا يَعْصِمهَا من الهُزَال ويقوّيها. وَقد ذكرتُه فِي مَوْضِعه بِأَكْثَرَ من هَذَا الشَّرْح.

وَقَالَ فِي (بَاب الْعين وَالضَّاد مَعَ الْبَاء) : يُقَال مَرَرْت بالقوم أَجْمَعِينَ أبضعين بالضاد.

وَهَذَا أَيْضا تَصْحِيف فاضح يدلّ على أنّ قَائِله غير مُميِّز وَلَا حَافظ كَمَا زعم. أَخْبرنِي أَبُو الْفضل الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم الرَّازِيّ أَنه قَالَ: الْعَرَب تؤكّد الْكَلِمَة بِأَرْبَع توكيدات فَتَقول مَرَرْت بالقوم أَجْمَعِينَ أكتعين أبصين أبتعين. هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: وَهُوَ مَأْخُوذ من البَصْع وَهُوَ الْجمع. وقرأته فِي غير كتاب من كتب حُذّاق النَّحْوِيين هَكَذَا بالصَّاد.

وَقَالَ فِي (بَاب الْعين وَالْقَاف مَعَ الدَّال) قَالَ يَعْقُوب بن السّكيت: يُقَال لِابْنِ الْمَخَاض حِين يبلغ أَن يكون ثنيَّاً: قَعودٌ وَبَكْر، وَهُوَ من الذُّكُور كالقَلوص من الْإِنَاث. قَالَ البشتي: لَيْسَ هَذَا من القَعود الَّتِي يقتعدها الرَّاعِي فَيركبهَا وَيحمل عَلَيْهَا زَاده وأداته، وَإِنَّمَا هُوَ صفة للبَكرِ إِذا بلغَ الإثناء.

قلت: أَخطَأ البشتي فِي حكايته كلامَ ابْن السّكيت ثمَّ أَخطَأ فِيمَا فسره من كِيسه وَهُوَ قَوْله إِنَّه غير القَعود الَّتِي يقتعدها الرَّاعِي، من وَجْهَيْن آخَرين. فَأَما يَعْقُوب بن السّكيت فَإِنَّهُ قَالَ: يُقَال لِابْنِ الْمَخَاض حَتَّى يبلغ أَن يكون ثَنياً قَعودٌ وَبكر، وَهُوَ من الذُّكُور كالقلوص من الْإِنَاث.

فَجعل البشتي (حَتَّى) : (حينَ) . وَمعنى حتّى إِلَى وَهُوَ انْتِهَاء الْغَايَة. وَأحد الخطأين

<<  <  ج: ص:  >  >>