تَرَى الثَّوْر يَمْشي رَاجعا من ضحائهِ
بهَا مثلَ مَشْيِ الهِبْرِزِيِّ المُسَرْولِ
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالهبرزيّ: الْأسد، جعله مُسرْوَلاً لِكَثْرَة شَعر قوائمه.
وَقيل: الهبْرِزِيُّ: الْمَاضِي فِي أمره. ويُروَى:
مِثلَ مَشْيِ الهِرْبِذِيّ
يَعْنِي مَلِكاً فارسيّاً، أَو دِهْقاناً من دَهاقِينهم، وجعلَه مُسَرْوَلاً لِأَنَّهَا من لباسهم.
يَقُول: هَذَا الثور يتبختر إِذا مَشَى تَبختُر الفارسيِّ إِذا لَبس سراوِيله.
رسل: قَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ فِي قَول المؤذِّن: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله.
قَالَ: معنى أشهَد أُعلم وأُبيِّن أَن مُحَمَّدًا مُتابع للإِخبار عَن الله جلَّ وَعز.
قَالَ: وَالرَّسُول مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة الَّذِي يُتَابع أَخْبَار الَّذِي بَعثَه؛ أُخِذ من قَوْلهم: جَاءَت الإبلُ رسلًا، أَي: متتابعة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق النحويّ فِي قَول الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن مُوسَى وأخيه: {فَقُولا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشُّعَرَاء: ١٦) ، مَعْنَاهُ: إِنَّا رسالةُ ربّ الْعَالمين، أَي: ذَوَا رِسالةِ رَبِّ الْعَالمين، وَأنْشد هُوَ أَو غَيره:
لقد كَذَب الواشُون مَا فُهتُ عندَهم
بسرَ وَلَا أَرْسَلْتهُم برَسولِ
أَرَادَ: وَلَا أرسلتهُم برسالة.
قلت: وَهَذَا قولُ الْأَخْفَش، وسمِّيَ الرسولُ رَسُولا لِأَنَّهُ ذُو رَسول، أَي: ذُو رِسَالَة، وَالرَّسُول اسمٌ من أَرسلْت، وَكَذَلِكَ الرسَالَة.
وَيُقَال: جَاءَت الإبلُ أَرْسالاً: إِذا جَاءَ مِنْهَا رَسل بعد رَسل، وَالْإِبِل إِذا وَرَدت الماءَ وَهِي كَثِيرَة فَإِن القيِّم بهَا يُورِدها الحوضَ رَسلاً بعد رَسل، وَلَا يُورِدُها جملَة فتزدَحم على الْحَوْض وَلَا تَرْوَى. والرَّسلُ: قطيعٌ من الْإِبِل قَدْر عَشر تُرسل بعد قَطِيع.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للفحل العربيّ يُرْسل فِي الشَّوْل ليَضربَها: رَسيلٌ، يُقَال: هَذَا رسيلُ بني فلَان، أَي: فَحْل إبلِهم، وَقد أَرسل بنُو فلَان رَسيلَهم، أَي: فَحلَهم، كَأَنَّهُ فَعِيل، بِمَعْنى مُفعَل من أُرسل.
وَهُوَ كَقَوْل الله: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - م صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ -} {تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (لُقْمَان: ١، ٢) ، يُرِيد وَالله أعلم الكتابَ المُحكَم دَلَّ على ذَلِك قولُه: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - رَ} {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَاتُهُ} (هود: ١) ، وَمِمَّا يشاكله قَوْلهم للمُنذَر: نَذِير، وللمُسْمَع: سَميع.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الأَرْض إِذا دُفِن فِيهَا الْإِنْسَان قَالَت لَهُ: رُبمَا مشيت عليّ فَدّاداً ذَا مالٍ كثير وَذَا خُيَلاء) .