وَفِي حديثٍ آخَرَ: (أَيُّما رجلٍ كَانَت لَهُ إبلٌ لم يُؤَدِّ زكاتَها بُطِحَ لَهَا بقاعٍ قَرْقَرٍ تَطؤُه بأخفافها إلَاّ من أَعطَى فِي نَجْدَتها ورِسلها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: إِلَّا من أعْطى فِي إبلِه مَا يَشُقّ عَلَيْهِ عطاؤه، فَيكون نجدةً عَلَيْهِ، أَي: شدَّة، أَو يُعطى مَا يهون عَلَيْهِ عطاؤه مِنْهَا، فيعطِي مَا يعطِي مُسْتهيناً بِهِ على رِسلِه.
وأخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: (إلاّ من أَعطَى فِي رِسلِها) ، أَي: بطيبِ نَفْس مِنْهُ. والرِّشْل فِي غير هَذَا: اللَّبَنُ.
يُقَال: كثُر الرِّسل الْعَام، أَي: كثُر اللَّبن.
وَقد مر تَفْسِير الحَدِيث فِي بَاب الْجِيم بِأَكْثَرَ من هَذَا. وَإِذا أورد الرجل إبلَه متقطعةً قيل: أوردهَا أَرْسَالًا. فَإِذا أوردهَا جمَاعَة قيل: أوردهَا عِراكاً.
وَفِي حَدِيث فِيهِ ذِكر السَّنَة: (ووَقِير كثير الرَّسَل، قَلِيل الرِّسْل) .
قَوْله: (كثير الرَّسل) ، يَعْنِي الَّذِي يُرسل مِنْهَا إِلَى الرِّعي كثير. أَرَادَ أَنَّهَا كثيرةُ الْعدَد قَليلَة اللَّبن.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: الرَّسَلُ من الْإِبِل وَالْغنم: مَا بَين عشر إِلَى خمس وَعشْرين.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رجلا من الْأَنْصَار تزوج امْرَأَة مُرَاسِلاً، يَعْنِي ثيّباً.
وَفِي حَدِيث أبي سعيد الخُدْرِيّ أَنه قَالَ: رَأَيْت فِي عَام كثُر فِيهِ الرِّسْل البياضَ أكثرَ من السوَاد، ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِك فِي عَام كثر فِيهِ التّمر السوادَ أكثرَ من الْبيَاض. الرِّسْلُ: اللَّبن، وَهُوَ الْبيَاض إِذا كثُر قلّ التّمر، وَهُوَ السوَاد. وَأهل البَدْو يَقُولُونَ: إِذا كثر الْبيَاض قل السوَاد، وَإِذا كثر السوَاد قل الْبيَاض.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّسْل بِفَتْح الرَّاء الَّذِي فِيهِ لِينٌ واسترخاء.
يُقَال: ناقةٌ رَسْلةُ القوائم، أَي: سِلسةٌ ليّنة المفاصل، وَأنْشد:
برَسْلَةٍ وُثِّق مُلتَقاها
مَوضِع جُلْبِ الكُورِ من مَطاهَا
وَقَالَ أَبُو زيد: الرَّسْل بِسُكُون السِّين الطويلُ المسترسل، وَقد رَسل رَسَلاً ورَسَالة.
وَقَالَ اللَّيْث: الاسترسال إِلَى الْإِنْسَان كالاستئناس والطُّمأنينة.
يُقَال: غَبْنُ المُسترسِل إِلَيْك رِياً.
قَالَ: والتَّرسُّل: من الرِّسْل فِي الْأُمُور والمَنطِق: كالتمهُّل والتوقُّر والتثبت. وجمعُ الرسَالَة الرسائل، وَجمع الرَّسول الرُّسل.
والرسولُ بِمَعْنى الرسَالَة يؤنَّث ويذكّر فَمن أنّث جمعَه أَرسُلاً. وَقَالَ الشَّاعِر:
قد أَتَتْها أَرْسُلِي