وَالْعرب تَقول لمن عمل شَيْئا يُوَبَّخُ بِهِ: يدَاك أَوْكَتا وفُوكَ نَفَخَ.
وَقَالَ الزّجّاج: يُقَال للرجل إِذا وُبِّخَ: ذَلك بِمَا كَسَبَتْ يدَاك، وَإِن كانتْ اليَدان لم تجنيا شَيْئاً لِأَنَّهُ يُقَال: لكل مَن عَمِل عملا كَسَبَتْ يَدَاه، لِأَن الْيَدَيْنِ الأصلُ فِي التصرُّف.
قَالَ الله تَعَالَى: {مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ} (الشورى: ٣٠) ، وَلذَلِك قَالَ {} إِلَى قَوْله: {مَالُهُ وَمَا} (المسد: ١، ٢) .
قَالَ الْأَزْهَرِي: قَوْله وَلَا يأَتين بِبُهتان يفترينَه الْآيَة: أَرَادَ بالبُهتَان: وَلَداً تحْمِله مِن غير زَوْجها فتقولُ: هُو مِن زَوجهَا، وكَنى بِمَا بَين يَديهَا ورجليها عَن الْوَلَد لِأَن فرجهَا بَيْنَ الرِّجْلَين، وبَطنَها الَّذِي تحمل فِيهِ بَين الْيَدَيْنِ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (المسلمونَ يدٌ على مَن سِواهم) .
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ أَنَّ كلمتَهم ونُصْرَتَهم واحدةٌ على جَمِيع المِلَلِ الْمُحَاربَة لَهُم يتعاوَنُون على جَمِيعهم، وَلَا يَخْذل بعضُهم بَعْضًا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: ثوبٌ قصير اليَدِ إِذا كَانَ يَقْصُر عَن أَن يُلْتحَفَ بِهِ، وقميصٌ قصيرُ اليَدين أَي قَصير الكُمَّين، وَيُقَال: أعطَاهُ مَالاً عَن ظَهْر يَدٍ يَعْنِي تَفَضُّلاً لَيْسَ مِن قَرْض وَلَا مُكافأة وَيُقَال: خَلعَ فلَان يَدَه عَن الطَّاعة، ونَزَع يَدَه مِثله، وَأنْشد:
وَلَا نَازِعٌ مِن كلِّ مَا رابَنِي يَداً
وَيُقَال: هَذِه يَدِي لَك أَي انقَدْتُ لَك فاحْتَكِمْ عليَّ بِمَا شئتَ.
قَالَ: وَقَالَ اليزيدي: أيْدَيْتُ عَنهُ يَداً مِن الْإِحْسَان ويدَيته فَهُوَ مَيْدِيُّ إِذا ضربت يَده، قَالَ: وَجمع الْيَد من الْإِحْسَان أَيادِي ويَدِيٌّ، وتصغيرُ اليَدِ يُدَيَّةٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي قَول الله: {فَرَدُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - اْ أَيْدِيَهُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - أَفْوَاهِهِمْ} (إِبْرَاهِيم: ٩) ، قَالَ: تركُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَلم يُسْلِموا.
وَقَالَ الفرّاء: كَانُوا يُكذبونهم ويَرُدَّون القولَ بِأَيْدِيهِم إِلَى أَفْوَاه الرُّسُل، وَهَذَا يُرْوى عَن مُجَاهِد.
وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ فِي قَوْله: {فَرَدُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - اْ أَيْدِيَهُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - أَفْوَاهِهِمْ} عَضُّوا أَطْرَاف أَصَابِعهم.
قلت: وَهَذَا من أحسن مَا قيل فِيهِ، أَرَادَ أَنهم عَضّوا أيديَهم حنَقاً وغَيْظاً، وَهَذَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
يَرُدُّون فِي فِيهِ عَشْرَ الحَسُود
يَعْنِي أَنهم يَغيظُون الحسودَ حَتَّى يَعَضّ على أصابِعه، وَنَحْو ذَلِك قَول الْهُذلِيّ:
قد أَفْنَى أنامِلَه أَزْمُه
فأَمْسَى يَعَضُّ عليَّ الوَظِيفَا