قَالَ: وَإِن أَخَذته من (النَّبْوة) و (النَّباوة) ، وَهِي الِارْتفَاع من الأَرْض لارْتِفَاع قدره وَلِأَنَّهُ شَرف على سَائِر الْخلق، فأصله غير الهَمز.
وَقَالَ فِي قَول أَوْس بن حَجَر:
لأَصْبح رَتْماً دُقاقَ الحَصى
مكانَ النَّبِيّ من الكاثِبِ
قَالَ: النَّبي: الْمَكَان المُرتفع. والكاثب: الرمل المُجْتمع.
وَقيل: النَّبِيّ: مَا نَبا من الحِجارة إِذا نَجَلتها الحَوافر.
وَقَالَ الْكسَائي: النَّبِيّ: الطَّريق.
والأَنبياء: طُرق الهُدى.
وَقَالَ الزجّاج: الْقِرَاءَة المُجْتمع عَلَيْهَا فِي (النَّبيين) و (الْأَنْبِيَاء) طَرْح الْهمزَة، وَقد همز جماعةٌ من أَهل الْمَدِينَة جَميع مَا فِي القُرآن من هَذَا، واشتقاقه من (نبأ) و (أنبأ) ، أَي أخبر.
قَالَ: والأجود ترك الْهَمْز، لِأَن الِاسْتِعْمَال يُوجب أَن مَا كَانَ مهموزاً من (فعيل) فَجَمعه: فعلاء، مثل: ظَريف وظُرفاء.
فَإِذا كَانَ من ذَوَات الْيَاء فَجمعه (أفعلاء) ، نَحْو: غَنِيّ وأغنياء، ونبيّ وأنبياء، بِغَيْر همز.
فإِذا همزت، قلت: نبيء ونُبَآء، كَمَا تَقول فِي الصَّحِيح، وَهُوَ قَلِيل.
قَالُوا: خَمِيس وأَخمساء، ونَصيب وأَنصباء.
فَيجوز أَن يكون (نَبِي) من (أنبأت) مِمَّا تُرك همزه لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال.
وَيجوز أَن يكون من: نبا ينبو، إِذا ارْتَفع، فَيكون (فعيلا) من (الرِّفعة) .
قَالَ أَبُو معَاذ النَّحويّ: سَمِعت أَعرابيًّا يَقُول: من يدُلني على النَّبِيّ؟ أَي الطّريق.
حَدثنَا ابْن منيع: قَالَ: حَدثنَا عليّ بن سهل، عَن أبي سَلمة التَّبوذكيّ. قَالَ: سَمِعْت أَبَا هِلَال يَقُول: مَا كَانَ بِالْبَصْرَةِ رجُلٌ أعلم من حُميد بن هِلَال، غَير أنّ النَّباوة أضَرَّت بِهِ.
قلت: كَأَنَّهُ أَرَادَ: أنّ طَلب الشَّرف أضَرّ بِهِ.
والنَّباوة: موضعٌ بِالطَّائِف أَيْضا، مَعْرُوف: وَفِي الحَدِيث: خَطَب النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بالنّبَاوة من الطَّائِف.
وَمن مهموزه
نبأ: قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: نَبَأتُ على القَوم أَنْبَأُ نَبْئاً، إِذا طَلعت عَلَيْهِم.
ويُقال: نَبَأْتُ من أرضٍ إِلَى أَرض أُخرى، إِذا خرجت مِنْهَا إِلَيْهَا؛ قَالَ عَديّ بن زيد يَصِف فرسا: