للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأَيِّي مَا وأَيّك كَانَ شَرّاً

فسِيقَ إِلَى المَقامة لَا يَراها

فَقَالَ: هَذَا بِمَنْزِلَة قَول الرّجُل: الكاذبُ منِّي ومنك فَعل الله بِهِ.

وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا يُريد أَنَّك شرّ، وَلكنه دَعا عَلَيْهِ بلَفظ هُوَ أحسن من التَّصريح، كَمَا قَالَ الله تعالَى: {قُلِ اللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى} (سبأ: ٢٤) .

وَأنْشد المفضّل:

لقد علم الأَقوامُ أيّي وأَيّكم

بَني عامِرٍ أَوْفَى وَفَاء وأَظْلَمُ

مَعْنَاهُ: علمُوا أَنِّي أوفى وَفَاء وَأَنْتُم أظلم.

قَالَ: وَقَوله: فأيّي مَا وأيك، (أَي) مَوضِع رفع، لِأَنَّهُ اسْم (كَانَ) ، وأيّك، نَسق عَلَيْهِ، و (شَرّ) ، خَبَرهَا.

قَالَ: وَقَوله:

فسِيق إِلَى المقامة لَا يَرَاهَا

أَي: عَمي، دعاءٌ عَلَيْهِ.

أَبُو زيد: صَحِبه الله أيّاً مَا تَوَجَّه.

يُرِيد: أَيْنَمَا توجَّه.

وَقَالَ اللَّيث: أيّان، هِيَ بِمَنْزِلَة: مَتَى.

قَالَ: وَيخْتَلف فِي نونها، فَيُقَال: أصليّة، وَيُقَال: زَائِدَة.

وَقَالَ الفَرّاء: أصل (أَيَّانَ) : أَي أوَان، فخفّفوا (الْيَاء) من (أيّ) ، وَتركُوا همزَة (أَوَان) فالتَقَتْ ياءٌ سَاكِنة بعْدهَا وَاو، فأُدغمت (الْوَاو) فِي (الْيَاء) .

حَكَاهُ عَن الْكسَائي.

وَأما قَوْلهم فِي النّداء: أيّها الرجل، وأيتها الْمَرْأَة، وأيّها النَّاس.

فإنّ الزّجاج قَالَ: أَي: اسْم مُبْهم مَبْنِيّ على الضَّم، من: أيّها الرجل، لِأَنَّهُ منادَى مُفرد، و (الرجل) صفة ل (أَي) لَازِمَة، تَقول: يأيها الرجل أَقْبل، وَلَا يجوز: يَا الرجل، لِأَن (يَا) تَنْبِيه بِمَنْزِلَة التَّعريف فِي (الرجل) ، فَلَا يجمع بَين (يَا) وَبَين (الْألف وَاللَّام) فتصل إِلَى (الْألف وَاللَّام) ب (أَي) ، و (هَا) لَازِمَة ل (أَي) للتَّنْبيه، وَهِي عوض من الْإِضَافَة فِي (أَي) ، لِأَن أصل (أَي) أَن تكون مُضَافَة إِلَى الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر، والمُنادى فِي الْحَقِيقَة (الرجل) ، و (أَي) وُصلت إِلَيْهِ.

وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: إِذا قلت: يأيها الرّجل، ف (يَا) نِدَاء، و (أَي) اسْم منادى، و (هَا) تَنْبِيه، و (الرجل) صفة، ف (الْوَاو) وَصلت (أَي) بالتّنبيه، فَصَارَ اسْما تامّاً، لِأَن (أيا) و (مَا) و (من) و (الَّذِي) أَسمَاء نَاقِصَة لَا تتمّ إِلَّا بالصّلات.

وَيُقَال: (الرّجل) تَفْسِير لمن نُودي.

أَي سَاكِنة الْيَاء

قَالَ أَبُو عَمْرو: سَأَلت المُبرّد عَن (أَي) مَفْتُوحَة سَاكِنة مَا يكون بعْدهَا؟

فَقَالَ: يكون الَّذِي بعْدهَا بَدَلا، وَيكون

<<  <  ج: ص:  >  >>