للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهِ.

وَفي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ أطول من المربوع وَأقصر من المشذَّب. فالمشذَّب: الطَّوِيل الْبَائِن. وَالمربوع: الَّذِي لَيْسَ بطويل وَلا قصير. وَكَذَلِكَ الرَّابِعَة فَالْمَعْنى: أَنه لم يكن مُفْرِط الطول، وَلكن كَانَ بَين الرَبْعة وَالمشذَّب. وَالمربوع من الشعْر: الَّذِي ذهب جُزْء من ثَمَانِيَة أَجزَاء من المديد والبسيط التامّ. وَالمثلوث: الَّذِي ذَهَب جزءان من سِتَّة أَجزَاء.

والرَبْعة: الجوفة. وَيقال: رجل رَبْعة وَامرأة رَبْعة وَرجال وَنساء رَبَعات بتحريك الْبَاء وَخولف بِهِ طَرِيق ضَخْمة وَضَخَمات لِاسْتِوَاء نعت الرجل وَالْمَرْأَة فِي قَوْلك: رجل رَبْعة وَامرأة رَبعة فَصَارَ كالاسم، وَالْأَصْل فِي بَاب فَعْلة من الْأَسْمَاء مثل تَمْرة وجَفْنة أَن يجمع على فَعَلات مثل تَمرات وجَفَنات، وَما كَانَ من النعوت على فَعْلة مثل شَاة لَجْبَة وَامْرَأَة عَبْلة أَن يجمع على فَعْلات بِسُكُون الْعين. وَإنما جمع رَبْعة على رَبَعات وَهُوَ نعت لِأَنَّهُ أشبه الْأَسْمَاء لِاسْتِوَاء لفظ المذكّر والمؤنّث فِي وَاحده.

وَقال الفرّاء: من الْعَرَب من يَقُول: امْرَأَة رَبْعة وَنسوة رَبْعات، وَكَذَلِكَ رجل رَبْعة وَرِجَال رَبْعُون، فَيَجْعَلهُ كَسَائِر النعوت وَيقال: ارتبع البعيرُ يرتبع ارتباعاً، وَالِاسْم الرَبعة، وَهُوَ أشدّ عَدْو الْبَعِير.

وَأنْشد الأصمعيّ لبَعض الشُّعَرَاء:

واعرورت العُلُطَ العُرْضِيّ تركضه

أُمّ الفوارس بالدِئداء وَالرَبعَهْ

وَقال أَبُو يحيى بن كُناسة فِي صفة أزمنة السّنة وَفصولها وَكان علَاّمة بهَا: اعْلَم أَن السّنة أَرْبَعَة أزمنة: الرّبيع الأوَل، وَهو عِنْد العامَّة: الخريف. ثمَّ الشتَاء ثمَّ الصَّيف، وَهو الرّبيع الآخر، ثمَّ القَيْظ. قَالَ: وَهذا كُله قَول الْعَرَب فِي الْبَادِيَة.

قَالَ: وَالربيع الأوَّل الَّذِي هُوَ الخريف عِنْد الْفرس يدْخل لثَلَاثَة أَيَّام من أيلُول. قَالَ وَيدخل الشتَاء لثَلَاثَة أَيَّام من كانون الأول، قَالَ: وَيدخل الصَّيف الَّذِي هُوَ الرّبيع عِنْد الفُرس لخمسة أَيَّام تَخْلُو من آذار، وَيدخل القيظ الَّذِي هُوَ صيف عِنْد الْفرس لأربعة أَيَّام تَخْلُو من حَزِيران.

قَالَ أَبُو يحيى: وربيع أهل الْعرَاق مُوَافق لربيع الفُرْس، وَهُوَ الَّذِي يكون بعد الشتَاء. وَهُوَ زمَان الوَرْد، وَهو أعدل الآوِنة، وَفيه تُقْطَع العُرُوق، وَيُشرب الدوَاء.

قَالَ: وَأهل الْعرَاق يُمطَرون فِي الشتَاء كُله، وَيُخصِبون فِي الرّبيع الَّذِي يَتْلُو الشتَاء، وَأما أهل الْيمن فَإِنَّهُم يُمطَرون فِي القَيْظ وَيُخْصبون فِي الخريف الَّذِي يسمّيه الْعَرَب الرّبيع الأول.

قلت: وَسمعت الْعَرَب تَقول لأوّل مطر يَقع بِالْأَرْضِ أَيَّام الخريف: ربيع، وَيَقُولُونَ: إِذا وَقع ربيع بِالْأَرْضِ بعثنَا الرواد وانتجعنا مساقط الْغَيْث. وسمعتهم يَقُولُونَ للنخيل إِذا خُرِفت وصُرمت: قد تربَّعت النخيلُ، وَإِنَّمَا سمّي فصل الخريف خَرِيفًا لِأَن الثِّمَار تُخترَف فِيهِ، وسمته الْعَرَب ربيعاً لوُقُوع أول الْمَطَر فِيهِ. وَيُقَال للفَصِيل الَّذِي يُنْتَج فِي أول النِّتَاج: رُبَع

<<  <  ج: ص:  >  >>