للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتروَّع.

وَقَالَ اللَّيْث: وَكَذَلِكَ كل شَيْء يَروعك مِنْهُ جمال وَكَثْرَة، تَقول: راعني فَهُوَ رائع. وَفرس رائع. والأرْوع من الرِّجَال: من لَهُ جسم وجَهَارة وَفضل وسؤدد. وَهُوَ بيِّن الرَوَع. قَالَ وَالْقِيَاس فِي اشتقاق الْفِعْل مِنْهُ روِع يَرْوَع رَوَعاً. قَالَ ورُوع الْقلب: ذهنه وخَلَده. وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن رُوح الْقُدس نفث فِي رُوعي وَقَالَ: إِن نفسا لن تَمُوت حَتَّى تستوفي رزقَها، فاتّقوا الله وأجملوا فِي الطّلب) .

قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ كَقَوْلِك: فِي خَلَدي وَفِي نفْسي وَنَحْو ذَلِك.

وَمن أَمْثَال الْعَرَب: أَفرخَ رَوْعُك أَي انْكَشَفَ فزعك، هَكَذَا رُوي لنا عَن أبي عبيد: أفرخ رَوْعك، وفسّره لنا: ليذهبْ رُعبك وفزعك؛ فَإِن الْأَمر لَيْسَ على مَا تحاذِر قَالَ: وَهَذَا الْمثل لمعاوية، كتب بِهِ إِلَى زِيَاد. وَذَلِكَ أَنه كَانَ على الْبَصْرَة، والمغيرة بن شُعبة على الْكُوفَة فتوفِّي بهَا، فخاف زِيَاد أَن يولِّي معاويةُ عبدَ الله بن عَامر مَكَانَهُ، فَكتب إِلَى مُعَاوِيَة يُخبرهُ بوفاة الْمُغيرَة، وَيُشِير عَلَيْهِ بتولية الضَّحَّاك بن قيس مَكَانَهُ فَفطن لَهُ مُعَاوِيَة وَكتب إِلَيْهِ: قد فهمت كتابك، فأمَرِخ رَرْعَك أَبَا الْمُغيرَة، قد ضممنا إِلَيْك الْكُوفَة مَعَ الْبَصْرَة.

قلت: وكلّ من لقيتُه من اللغويين يَقُول: أفرخ رَوعُه بِفَتْح الرَّاء من روعه، إِلَّا مَا أَخْبرنِي بِهِ الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه كَانَ يَقُول: إِنَّمَا هُوَ أفرخ رُوعه بِضَم الرَّاء. قَالَ وَمَعْنَاهُ: خرج الرَوْع من قلبه قَالَ وأفرِخْ رُوعَك أَي اسكُن وامْن. فالرُوع مَوضِع الرَوْع وَهُوَ الْقلب. وَأنْشد قَول ذِي الرمة:

جذلان قد أفرخت عَن رُوعِه الكُرَب

قَالَ: وَيُقَال: أفرخت الْبَيْضَة إِذا خرج الْوَلَد مِنْهَا. قَالَ: والرَوْع الْفَزع، والفزع لَا يخرج من الْفَزع، إِنَّمَا يخرج من الْموضع الَّذِي يكون فِيهِ، وَهُوَ الرُّوع. قَالَ والرَّوع فِي الروع كالفرخ فِي الْبَيْضَة. يُقَال أفرخت الْبَيْضَة إِذا انفلقَت عَن الفرخ فَخرج مِنْهَا. قَالَ: وأفرخ فؤاد الرجل إِذا خرج رَوْعه مِنْهُ. قَالَ وَقَلبه ذُو الرمة على الْمعرفَة بِالْمَعْنَى فَقَالَ:

جذلان قد أفرخت عَن رُوعه الكرب

قلت: وَالَّذِي قَالَه أَبُو الْهَيْثَم بيّن، غير أَنِّي أستوحِش مِنْهُ؛ لانفراده بقوله. وَقد يَستدرك الْخلف على السّلف أَشْيَاء رُبمَا زلّوا فِيهَا، فَلَا ينكَر إِصَابَة أبي الْهَيْثَم فِيمَا ذهب إِلَيْهِ، وَقد كَانَ لَهُ حظّ من الْعلم موفور ح.

وَفِي الحَدِيث الْمَرْفُوع (إِن فِي كل أمة محدَّثين ومروَّعين، فَإِن يكن فِي هَذِه الْأمة مِنْهُم أحد فَهُوَ عمر) . والمروع الَّذِي ألقِي فِي رُوعه الصَّوَاب والصدق، وَكَذَلِكَ المحدَّث؛ كَأَنَّهُ حُدِّث بِالْحَقِّ الْغَائِب فَنَطَقَ بِهِ.

وَيُقَال مَا راعني إلاّ مجيئك، مَعْنَاهُ: مَا شعَرت إلاّ بمجيئك، كَأَنَّهُ قَالَ: مَا أصَاب رُوعي إلاّ ذَلِك.

وَقَالُوا: راعه أَمر كَذَا أَي بلغ الرَوْع مِنْهُ رُوعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>