حلّ يُحل. فأمَّا المحِلّ بِكَسْر الْحَاء فَهُوَ من حَلّ يَحلّ أَي وَجب يجب. قَالَ: الله جلّ وعزّ: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ} (البَقَرَة: ١٩٦) أَي الْموضع الَّذِي يَحِلّ فِيهِ نحرُه. والمصدر من هَذَا بِالْفَتْح أَيْضا، وَالْمَكَان بِالْكَسْرِ. وَجمع المحلّ محالّ. وَيُقَال: مَحَلّ ومحلَّة بِالْهَاءِ؛ كَمَا يُقَال: منزِل ومنزلة.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِلّة: قوم نزُول. وَقَالَ الْأَعْشَى:
لقد كَانَ فِي شَيبَان لَو كنتَ عَالما
قِباب وحَيّ حِلّة وقنابل
أَبُو عبيد: الحِلَال: جماعات بيُوت النَّاس وَاحِدهَا حِلّة. قَالَ: وحَيّ حِلال أَي كثير وَأنْشد شمر:
حيّ حِلَال يَزَعون القَنْبلا
والْحِلَال: مَتَاع الرَحْل. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
ضرا إِذا وضعت إِلَيْك حِلَالها
وَقَالَ اللَّيْث: الحَلّ الْحُلُول وَالنُّزُول.
قلت: يُقَال حَلّ يُحل وحُلُولاً. وَقَالَ المثقِّب العبديّ:
أكلّ الدَّهْر حَلّ وارتحال
أما تُبقي عليّ وَلَا تقيني
قَالَ: والحَلّ: حَلّ العُقدة. يُقَال حللتها أحُلّها حَلاً، فانحلَّت. وَمِنْه الْمثل السائر: يَا عَاقد اذكر حَلاّ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَى} (طاه: ٨١) قرىء {وَمَن يَحْلِلْ} بِضَم اللَّام وَكسرهَا. وَكَذَلِكَ قرىء: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِى} (طه: ٨١) بِكَسْر الْحَاء وَضمّهَا. قَالَ الْفراء: وَالْكَسْر فِيهِ أحبُّ إليَّ من الضَّم لِأَن الْحُلُول مَا وَقع، مِن يَحُلَّ، ويَحِلُّ: يجب، وَجَاء التَّفْسِير بِالْوُجُوب لَا بالوقوع، وكلّ صَوَاب.
قَالَ: وأمّا قَوْله جلّ وعزّ: {أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ} (طاه: ٨٦) فَهِيَ مَكْسُورَة. وَإِذا قلت: حلّ بهم الْعَذَاب كَانَت يُحلّ لَا غير. وَإِذا قلت: عليَّ أَو قلت: يحلّ لَك كَذَا وَكَذَا فَهِيَ بِالْكَسْرِ.
وَقَالَ الزّجاج: من قَالَ: يحلّ لَك كَذَا وَكَذَا فَهُوَ بِالْكَسْرِ، وَمن قَرَأَ: (فيحِلّ عَلَيْكُم) فَمَعْنَاه فَيجب عَلَيْكُم. وَمن قَرَأَ: (فيحُلّ) فَمَعْنَاه: فَينزل. وَالْقِرَاءَة {وَمَن يَحْلِلْ} بِكَسْر اللَّام أَكثر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال حَلّ عَلَيْهِ الحقّ يَحِلُّ مَحَلاّ. قَالَ وَكَانَت الْعَرَب إِذا نظرت إِلَى الْهلَال قَالَت: لَا مرْحَبًا بِمُحلِّ الديْن مُقرِّب الْأَجَل. قَالَ ومَحِلُّ الهَدْي يَوْم النَّحْر بمنى.
قلت: مَحِلّ الهَدْي للمتمتع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج بِمَكَّة إِذا قدِمها، وَطَاف بِالْبَيْتِ، وسعى بَين الصَّفَا والمروة.
ومَحِلّ هَدْي الْقَارِن يومَ النَّحْر بمنى.
وَقَالَ اللَّيْث: والحِلّ: الرجل الْحَلَال الَّذِي لم يُحرم، أَو كَانَ أحرم فحلّ من إِحْرَامه. يُقَال: حلّ من إِحْرَامه حِلاً.
قَالَت عَائِشَة: طيّبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحرْمه حِين أحرم، ولِحلّه حِين حَلّ من إِحْرَامه. وَيُقَال رجل حِلّ وحَلَال، وَرجل حِرْم