للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحَرَام أَي محرم. وَأما قَول زُهَيْر:

وَكم بالقَنان من مُحلّ ومحرم

فَإِن بَعضهم فسَّره وَقَالَ: أَرَادَ: كم بالقنان من عَدو يرى دمي حَلَالا، وَمن محرم أَي يرَاهُ حَرَامًا. وَيُقَال المحلّ: الَّذِي يحلّ لنا قِتَاله، وَالْمحرم: الَّذِي يحرم علينا قِتَاله. وَيُقَال: المُحِلّ: الَّذِي لَا عهد لَهُ وَلَا حُرْمَة، وَالْمحرم: الَّذِي لَهُ حُرْمَة. وَيُقَال للَّذي هُوَ فِي الْأَشْهر الْحرم: مُحرم، وللذي خرج مِنْهَا مُحِلّ. وَيُقَال للنازل فِي الْحرم: مُحرم، وللخارج مِنْهُ مُحِلّ. وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ فِي الْحرم يَحرم عَلَيْهِ الصَّيْد والقتال وَإِذا خرج مِنْهُ حل لَهُ ذَلِك.

عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ الحُلّة القُنْبُلانيّة وَهِي الكَرَاخة.

وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا يَمُوت لمُؤْمِن ثَلَاثَة أَوْلَاد فتمسُّه النَّار إلاّ تَحِلَّة القَسَم) .

قَالَ أَبُو عبيد: معنى قَوْله: (تحِلّة الْقسم) قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا} (مريَم: ٧١) قَالَ: فَإِذا مرّ بهَا وجازها فقد أبرّ الله قسمَه.

وَقَالَ غير أبي عبيد: لَا قسم فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا} فَكيف يكون لَهُ تَحِلّة وَإِنَّمَا التحلّة للأَيمان. قَالَ: وَمعنى قَوْله (إِلَّا تَحِلَّة الْقسم) إِلَّا التعذير الَّذِي لَا يَنْدَاهُ مِنْهُ مَكْرُوه. وَمثله قَول الْعَرَب: ضَربته تحليلاً، ووعظته تعذيراً، أَي لم أبالغ فِي ضربه ووعظه. وأصل هَذَا من تَحْلِيل الْيَمين وَهُوَ أَن يحلف الرجل، ثمَّ يَسْتَثْنِي اسْتَثْنَاهُ متِّصلاً بِالْيَمِينِ غيرَ مُنْفَصِل عَنْهَا. يُقَال: آلى فلَان ألِيّة لم يتحلّل فِيهَا، أَي لم يسْتَثْن، ثمَّ يَجْعَل ذَلِك مثلا للتقليل. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:

نَجَائِب وقعهن الأرضَ تحليلُ

أَي قَلِيل هيّن يسير. وَيُقَال للرجل إِذا أمعن فِي وَعِيد أَو أفرط فِي فَخر أَو كَلَام: حِلاّ أَبَا فلَان، أَي تحلَّل فِي يَمِينك، جعله فِي وعيده إِيَّاه كاليمين. فَأمره بِالِاسْتِثْنَاءِ. وَيُقَال أَيْضا: تحلّل فلَان من يَمِينه إِذا خرج مِنْهَا بكفّارة أَو حِنْث يُوجب الكفّارة. وَيُقَال: أعطِ الْحَالِف حُلاّن يَمِينه. وَقَالَ امرء الْقَيْس:

عَلَيَّ وآلت حَلْفة لم تَحَلّل

وَقَالَ:

غذاها نمير المَاء غيرَ محلِّل

قَالَ اللَّيْث غير مُحَلل غير يسير. قَالَ: وَيحْتَمل هَذَا الْمَعْنى أَن يَقُول: غذاها غِذاء لَيْسَ بمحلِّل أَي لَيْسَ بِيَسِير، وَلكنه غذَاء مَرِيء ناجع. قَالَ: ويروى: غير مُحَلَّل، أَي غير منزول عَلَيْهِ فيكدّره ويفسده.

وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم غير محلَّل يُقَال: إِنَّه أَرَادَ مَاء الْبَحْر أَي أَن الْبَحْر لَا يُنزل عَلَيْهِ؛ لِأَن مَاءَهُ زُعَاق لَا يذاق فَهُوَ غير محلَّل أَي غير منزول عَلَيْهِ. قَالَ: وَمن قَالَ: غير محلَّل أَي غير قَلِيل فَلَيْسَ بِشَيْء؛ لِأَن مَاء الْبَحْر لَا يُوصف بالقلة وَلَا بِالْكَثْرَةِ لمجاوزة حدّه الْوَصْف.

وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قضى فِي الأرنب إِذا قَتله الْمحرم بحُلَاّن. وفسّر فِي الحَدِيث أَنه

<<  <  ج: ص:  >  >>