للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: تقليد من لا يعلم أنه أهل لأن يؤخذ بقوله عند عدم قدرة المقلد على الاجتهاد وكل الثلاثة لا يجوز قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} ١ قال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا} ٢ وذم التقليد في القرآن كثير، وانظر الفرق "٧٦" من فروق القرافي تعلم ما يجوز فيه التقليد من أحد المجتهدين، وما لا يجوز وفي الفرق "٧٨" من يجوز له أن يفتي من المقلدين ومن لا يجوز، فإنه مفيد جدا، وليس من وظيفتنا التعرض لجزئيات ذلك، وقال المسناوي في نصرة القبض، وقيل: إن العالم لا يقلد وإن لم يكن مجتهدا؛ لأنه له صلاحية أخذ الحكم من الدليل بخلاف العامي. ا. هـ.

قال مقيده عفا الله عنه: إن العالم المقلد وإن بلغ من العلم ما بلغ، فإنما هو كالقمر نوره مستعار من نور الشمس وهو في حد ذاته جرم ميت مظلم لا نور له، وإنما يحكي نوره غيره كالمرآة ترسل أشعة إذا قابلت أشعة الشمس وهي أشعة كاذبة لا نفع فيها، وإنما هي صورة أشعة الشمس، فالنور الحقيقي هو نور المجتهد الذي يقتبس الحكم من الدليل عارفا بالنصوص وطرق التعليل، ولهذا كان المجتهدون في خير القرون قال عليه السلام: "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" ٣ وهذه إشارة هذا الحديث الشريف ومعجزته الظاهرة بذهاب المجتهدين بعد الثالث أو الرابع على رواية في الحديث بزيادة ثم الذين يلونهم ثالثة.


١ سورة المائدة: ١٠٤.
٢ سورة النساء: ٥٩.
٣ رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>