للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل وقع القياس منه -عليه السلام:

هذه المسألة مبنية على مسألة أعمَّ منها وهي: هل اجتهد -عليه السلام، أم لم يجتهد, لعدم احتياجه إليه بالوحي، ولقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ١ والأصحُّ كما في جمع الجوامع أنه يجتهد, وأن اجتهاده لا يخطيء, وأنه يفوض إليه فيقال: احكم بما تشاء, ومما هو صريح في اجتهاد -عليه السلام:

١- قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} ٢.

٢- ومن اجتهاده -عليه السلام- نزوله في بدر دون ماء, فقال له الخباب بن المنذر: هل بوحي أو برأي؟ فقال: برأي، لأنه رأى أن منعهم من الماء كمنع الحيوان منه، وتعذيب الحيوان به لا يجوز، وقد جبل على الشفقة -صلى الله عليه وسلم, فقال الخباب: الرأي أن نمنعهم من الماء, يعني: لأن منعهم من الماء من مكيدة الحرب وأسباب النصر، والحربي ليس بمحترم حتى يكون منعه من الماء ممنوعًا, فذلك من القياس أيضًا أن يكون من الاستدلال الآتي:

٣- ومنه قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} ٣, عوتب على الإذن لمن ظهر نفاقهم في التخلف عن تبوك ,ولا معنى لأن يعاتب عَمَّا نزل به وحي, وإنما هو اجتهاد.

٤- ومنه قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} ٤ عوتب على استبقاء أسرى بدر بالفداء اجتهادًا, عملًا بعموم العفو والصفح المأمور به قبل نزول آيات القتال، وحملًا لآيات القتال على ما قبل الأسر، ولحاجة المسلمين إلى المال الذي يقويهم، وعملًا بمقتضى مكارم الأخلاق من العفو عند المقدرة.

٥- ومنه حديث الصحاح في صلاته -عليه السلام- على عبد الله بن أُبَيّ بن سلول المنافق، فقال له عمر: أتصلي عليه، وقد نهيت عن الصلاة عليهم؟


١ النجم: ٤.
٢ التحريم: ١.
٣ التوبة: ٤٣.
٤ الأنفال: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>