للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حد القذف، الحجاب والاستيذان]

شرع في السنة الرابعة أيضًا حفظًا للأعرض، بسب قصة الإفك التي ابتليت فيها عائشة -رضي الله عنها, وبرَّأها الحق سبحانه في كتابه في خبر مطوّل كما في الصحيح أيضًا١، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ٢, وقد حد حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش ممن خاضوا في الإفك، وترك حد عبد الله بن أُبَيّ بن سلول سدًّا للذريعة لعصبيته ونفاقه.

شرع في السنة الرابعة أيضًا في قصة زواجه -عليه السلام- بزينب بنت جحش، وحديث أنس بذلك مكرر في البخاري٤، وفيه نزل قوله تعالى: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} الآية٥. فهذا حجاب خاص سُدِلَ على بيت النبوءة الأعظم، ثم نزل الحجاب العام تلك السنة أيضًا.

قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ, وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ


١ متفق عليه: البخاري في تفسير سورة النور "٦/ ١٢٧"، ومسلم في التوبة "٨/ ١١٢".
٢ النور: ٤.
٣ أخرج الحاكم في الإكليل أن من جملة من أقيم عليه الحد عبد الله بن أُبَيّ بن سلول "انظر نيل الأوطار" "٦/ ٢٨٤".
٤ البخاري في الاستئذان "٨/ ٦٥".
٥ الأحزاب: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>