للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البحث الثالث عشر]

قال: وفي الصفحة ٣٦٤ قلتم في ذكر الحيل: والحق أنه لا حق لهم في الإنكار إلى آخر الصفحة لا يعزب عن جنابكم أن التحيل لإبطال المقاصد الشريعة لا يخلو من أحد أمرين إما نسبة التشريع إلى نفي الحكمة المقصودة من الأحكام الشرعية حتى يصير المكلف ناظرا إلى الصور والألفاظ لا إلى الأرواح والأغراض، وإما الاجتراء على إبطال الحكمة الشرعية بما يرضي العامة، وهذه النزعة إسرائيلية ففي الحديث "لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها" ١ وقال صلى الله عليه وسلم: "الأعمال بالنيات" ٢ وكيف يعمد إلى الحيل وقد ترتب عليها إسقاط الزكوات، وتحليل المبتوتات، وأما آية {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} ٣ فإن تلك فتوى الله تعالى لنبي من أنبيائه، وليس باب الخصائص بدعا في الشرائع، على أن البر في اليمين أو الحنث لا يترتب عليه معنى شرعي سوى تعظيم اسم الله تعالى والنبي لا يزيده البر تعظيما لاسم الجلالة، فلما تحير في بر يمينه، واشتد عليه إيجاع امرأته ضربا أفتاه الله إكراما له وترخيصا كما فدى إسماعيل بذبح كبش، وفي حديث فتح مكة "فإن اعتل أحد لقتال رسوله فيها، فقولو له: إن الله يحل لرسوله ما شاء" ٤ وفي عملكم ما قاله أئمتنا في تلقين المفتي


١ أخرجه البخاري في صحيحه "٤/ ٣٤٤، ٣٥١، ٣٥٢" بشرح الفتح ومسلم "١٥٨٢" في المساقاة.
٢ متفق عليه: من حديث عمر.
٣ سورة ص: ٤٤.
٤ أخرج البخاري "٨/ ١٧" في المغازي في فتح مكة، ومسلم "١٣٤٥" من حديث أبي شريح العدوي مرفوعا $"إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فإن أحدا ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وأنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس".

<<  <  ج: ص:  >  >>