لا يخفى أن ما يوجد في الشريعة من الأحكام منحصر في خمسة:
الوجوب، والندب، والحرمة، والكراهة، والجواز، وذلك أن أفعال المكلفين قسم منها رضيه الله، وقسم سخطه، وقسم لا رضى فيه ولا سخط.
فالأول يشمل الواجب والمندوب، والثاني: الحرام والمكروه، والثالث هو الحلال.
وطريق الحصر فيها أن طلب الشرع للفعل إما أن يكون جازمًا أو لا، الأول الوجوب، والثاني الندب، وطلبه للكف بغير كفٍّ إما جازم أو لا، الأول الحرام، والثاني المكروه، والخامس وهو الحلال أن لا يطلب فعلًا ولا تركًا, بل يخيِّر ويعبر عنه بالجائز، أما ما يعبَّر عنه بالسنة فهو من قبيل المندوب، وما يعبر عنه بخلاف الأولى فهو من قبيل المكروه، ولهذا اصطلح أئمة الفقه والأصول على الأحكام الخمسة، وتجد أبواب الفقه محتوية على بيان الواجبات والمندوبات والمحرمات والمكروهات والجائزات.
والحنفية يفرقون بين الفرض وهو ما ثبت وجويه بقطعيٍّ كالقرآن ومثاله الصلوات الخمس، والواجب وهو ما يثبت كصلاة الوتر، ولا فرق بينهما عند غيرهم.
كيف أخذ الفقهاء هذه الأحكام من القرآن؟
غير خفي أن القرآن ليس من الأوضاع البشرية الموضوعة لبيان علم من العلوم بمصطلحاته، بل هو كلام الله الذي أنزله على عبده لينقذ الناس من الظلمات إلى النور، جعله في أعلى طبقات البلاغة ليحصل الإعجاز وتثبت