للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبوة وساقه مساق البشارة والإنذار والوعظ والتذكير ليكون مؤثرًا في النقوس, رداعًا لها عن هواها, سائقًا لها بأنواعٍ من التشويق إلى الطاعة وترك المعصية، والفصاحة من أعظم المؤثرات على عقول البشر بتنوع العبارة التي تؤدى بها تلك الأحكام، ومن طبيعة البشر أن يملَّ من عبارة واحدة, ولا يحصل بها التأثير المطلوب, فلو قيل في كل مسألة: هذا واجب، هذا مندوب، هذا حرام، هذا مكروه، هذا جائز لتكرر اللفظ ولم تكن هناك الفصاحة المؤثرة, فلذلك تجد القرآن تارة يعبر ببعض الألفاظ المصطلح عليها كالحرمة والحلية، قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ١، {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} ٢، {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ٣ ويعبر في الوجوب بمادة فرض: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ} ٤، {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ٥، وقد يعبِّر عن فرض بقضى، نحو: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} ٦ ويعبر بكتب، قال تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ٧، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} ٨، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام} ٩، وقد يعبِّر بالأمر ويراد به الإلزام، قال تعالى: {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} ١٠، وقد يعبِّر بالأمر عن الطلب الأعم من الوجوب والندب، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} ١١.

بدليل الإحسان وإيتاء ذي القربى, فإن منه ما ليس بواجب، ويعبر بينهى عن حرَّم، نحو: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ} ١٢، وقد يعبِّر عنه بلا يحل، قال تعالى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} ١٣، وقد يعبِّر عن الوجوب بعلى، كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْت} ، وقد


١ المائدة: ٣.
٢ النحل: ١١٦.
٣ النساء: ٢٤.
٤ الأحزاب: ٥٠.
٥ التحريم: ٢.
٦ الإسراء: ٢٣.
٧ المائدة: ٤٥.
٨ البقرة: ١٧٨.
٩ البقرة: ١٨٣.
١٠ يوسف: ٤٠.
١١ النحل: ٩٠.
١٢ الممتحنة: ٩.
١٣ النساء: ١٩.
١٤ آل عمران: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>