لضرورة أو مصلحة الأمة وحال القضاء في هذه الأزمان وكيف ينبغي إصلاحه:
ما تقدم عن "جمع الجوامع" من وجوب تقليد أحد المذاهب الأربعة قد انتقد العراقي والزركشي عليه تصحيحه، وصحح عدم الوجوب عز الدين والنووي قال القرافي في "شرح المحصول" وكان عز الدين يذكر في هذه المسألة إجماعين: إجماع الصحابة على أنه يجوز للعامي الاستفتاء بكل عالم في مسألة، ولم ينقل عن السلف الحجر في ذلك، ولو كان ممتنعا ما جاز للصحابة إهماله وعدم إنكاره، ولأن كل مسألة لها حكم في نفسها، فكما لم يتعين الأول للاتباع في الأولى إلا بعد سؤاله، فكذلك في الأخرى والثاني: إجماع الأمة أن من أسلم لا يجب عليه اتباع إمام معين، فإذا قلد معينا، وجب أن يبقى ذلك التخير المجمع عليه حتى يحصل دليل على رفعه ولا سيما والإجماع لا يرفع إلا بما هو مثله في القوة، وقال العراقي: نقلا عن النووي: الذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزم الشخص التمذهب بمذهب، بل يستفتي من شاء، لكن من غير تتبع الرخص، نقله المسناوي في نصرة القبض. ا. هـ.
وقال الشعراني في "الدرر المنثورة" لم يبلغنا عن أحد من السلف أنه أمر أحدا أن يتقيد بمذهب معين، ولو وقع منهم ذلك المجتهد الذي أمر الخلق باتباعه وحده، والشريعة حقيقة إنما هي مجموع ما هو بأيدي المجتهدين كلهم لا بيد واحد منهم، ولم يوجب الله على أحد التزام مذهب معين بخصوصه لعدم عصمته، ومن أين جاء الوجوب، والأئمة كلهم قد تبرءوا من الأمر باتباعهم، وقالوا: إذا بلغكم حديث فاعملوا به، واضربوا بكلامنا عرض الحائط. ا. هـ. بنقل