بعضم مع بعضهم، ولم يقع بينهم الخلاف في كل فرع، فرع، بل في بعض الفروع التي قامت لكل حجة على رأيه.
وقد اتفقوا في مسائل كثيرة، فمنها ما وقع عليه إجماع الأمة معهم ومنها ما خالفهم فيها غيرهم وتلك المسائل التي فيها الاتفاق لا تنسب إلى واحد منهم، فلا يقال في نحو وجوب الزكاة، أو جواز القراض: إنه مذهب مالك والشافعي مثلا، فالسمع يمج ذلك، فلا يضاف لكل واحد منهم إلا ما اختص به، كما نص عليه العلماء، ولذلك كان توحيد هذه المذاهب في هذه العصور صعبا أولا؛ لأن كلا له حجة، وكل أهل مذهب يمكنهم أن يصححوها ولا يلتفتوا لما يقول غيرهم من ضعفاء،
ثانيا: هذه المذاهب كل مذهب في قطر إما كله، وإما محصل على أغلبية ساحقة كما تقدم، فلا معنى لأن يطلب من سكان الأقطار ترك مذهب غير مزاحم بغيره، وهو مؤبد في أفكارهم ومعتقداتهم وألفوه من نعومة أظافرهم، والفرض أننا نعتقد صوابيته في الكثير من المسائل، والبعض الآخر الذي وقع فيه الخطأ غير معين، فلذا كنت لا أرتضي فكرة توحيد المذاهب؛ لأنها فكرة لا نتيجة لها ولا تفيد المجتمع الإسلامي إلا شقاق آخر فقط، والصواب عندي هو ما تقدمت الإشارة إليه.