للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل أحكام الشرع معقول المعنى]

...

هل أحكام الشرع معقولة المعني:

كان إبراهيم النخعي يرى أن أحكام الشرع معقولة المعنى، مشتملة على مصالح, راجعة إلى الأمة، وأنها بُنِيَت على أصول محكمة, وعلل ضابطة لتلك الحكم فُهِمَت من الكتاب والسنة، وشرعت الأحكام لأجلها لينتظم بها أمر الحياة، فكان يجتهد في معرفتها ليدير الحكم لأجلها حيث درات، وإن العقل يمكن أن يدركها ويدرك حسنها وقبح ضدها؛ لأن الشرع أرشد إليها, لا أن العقل له استقلال في ذلك كما يقول المعتزلة, وإنما المراد أن العقل يدرك حُسْنَ الحَسَن وقبح القبيح، فيمدح على الأول ويذم على الثاني, لا أنه يستقل بإدراك الثواب على الأول والعقاب على الثاني، فإن الثواب والعقاب إنما يعرف من قِبَلِ الشرع، فأحكام الله لها غايات, أي: حِكَمٌ ومصالح راجعة إلينا.

يدل لذلك القرآن، قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ١, وقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} ٢، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ٣ إلى غير هذا، وهاتان مسألتان مبينتان في


١ البقرة: ٢٢٠.
٢ البقرة: ٢١٩.
٣ البقرة: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>