تقدَّم أن عمر بن عبد العزيز توفي على رأسها, وهو آخر خليفة وقع الإجماع على عدله، فتولى بعده يزيد بن عبد الملك، ثم الوليد بن يزيد، ثم يزيد بن الوليد، ثم مروان بن محمد، وهو آخرهم، قُتِلَ في ربيع سنة "١٣٢" اثنين وثلاثين ومائة, وبه ختمت دولة بني أمية في المشرق, وسبب سقوطهم شيعة بني هاشم التي كانت نارها لا تخمد ولا تنام عن ثأر علي والحسين وأبنائهما.
ثم بعدهم انتصبت الدولة العباسية، ووجدت الإسلام ممتد الأطراف من حدود الهند إلى حدود فرنسا في الأندلس، لكنهم لم يبقوا متمسِّكين بالبدواة بل دخلتهم الحضارة، وأسَّسوا بغداد دار ملكهم، فبلغت حضارة بغداد إلى درجة لا يتصورها إلّا من طالع ودقَّق أخبارهم, فتبع الفقه ذلك، واتسعت دائرة الخيال والجدل فيه، وكثرت النوازل أيضًا بزيادة الترف والمال وأنواع الرفه والملذات والمتاجر والمصانع.