للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صلاة الاستسقاء، الإيلاء، أحكام الصلح والسلم]

في السنة الخامسة صلاها بهم -عليه السلام- في رمضان فسقوا.

في السنة الخامسة أيضًا نزل قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١, وكان في الجاهلية طلاقًا فخُفِّفَ.

قال الشافعي: سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: كان أهل الجاهلية يطلقون بثلاث: الظهار، والإيلاء، والطلاق, فأُقِرَّ الطلاق طلاقًا, وحكم في الإيلاء والظهار بما بيَّنَ القرآن. نقله في فتح الباري٢, ويروى نحوه عن ابن عباس.

في السنة السادسة كانت الحديبية, خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة لا يريد قتالًا بل العمر فقط، فصدوه عن البيت ووقعت بيعة الرضوان, ووجّهت قريش سفيرهم سهيل بن عمرو إلى النبي -صلى الله عليه وسلم, فانعقد الصلح بينهما لمدة، ووضعت الحرب أوزارها, وتقررت شروطه وكتبوا ذلك، ومن جملة الآيات التي نزلت في السلم قوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ٣، وكان نزل قبل ذلك: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} ٤، وقوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} ٥، فالشريعة كلها تحض على السلم الصحيح المبني على إقامة العدل وشرف الأمة، وتأبى الحرب إلّا لضرورة إيجاد السلم به، إذ الحرب إذا تعيَّن طريقًا للسلم كان سلمًا، ومن القضايا الأولية "إذا أردت السلم فاستعد للحرب"، وبذلك الصلح أمنت الدعوة للإسلام من المعارضة، وانتشرت دعاة


١ البقرة: ٢٢٦.
٢ فتح الباري "٩/ ٣٥٠" ط. الخشاب.
٣ الأنفال: ٦١.
٤ محمد: ٣٥.
٥ الممتحنة: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>