للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة، وذلك من حكمة الحج.

ومن حكمته الاجتماع والائتلاف والتعارف بين الأمم الإسلامية، وتفقُّد أحوال بعضهم, واقتباس العلوم والمتاجر وغير ذلك، فهو من المصالح الاجتماعية والدينية معًا.

وما قيل في الحج يقال في العمرة؛ لأنها قرنت به في كتاب الله, قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ١، وقرأ علقمة ومسروق وإبراهيم النخعي: "وأقيموا الحج والعمرة لله" خرج الطبري بأسانيد صحيحة عنهم٢، هكذا يقول الشافعية والحنابلة، وقال المالكية والحنفية: بعدم وجوب العمرة، متمسكين بالبراءة الأصلية.

ولم تذكر في حديث جبريل المبين لقواعد الإسلام، ولا في حديث بُنِيَ الإسلام على خمس، بل حديث ضمام بن ثعلبة تضمَّن نفي وجوبها حيث قال: هل عليّ غيرها فقال: "لا, إلا أن تطوّع" ٣ وأما الآية السابقة فغاية ما فيها أنها قرنت مع الحج، ودلالة الاقتران ضعيفة كما علم في الأصول، ومع هذا فهي عند المالكية والحنفية من آكد السنن، وهي عنندنا مما يتعيّن بالشرع، ولذلك لما صُدَّ -عليه السلام- عن البيت عام الحديبية قضاها في عام عمرة القضية بعده، وقال مالك: ليس بقضاء, وفيها بيَّن لهم تتمة أحكامها بالفعل، ثم في عام الفتح، وعام حجة الوداع، حيث اعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها أيضًا، فقد ثبت في الصحاح أنه اعتمر أربع مرات بعد الهجرة، وهي المبينة آنفًا.


١ البقرة: ١٩٦.
٢ قراءة شاذة وإن صحت أسانيدها، لمخالفتها للمصحف الإمام.
٣ سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>