للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صورة وقوع الخلاف في عهد الخلفاء الراشدين]

وقع ذلك على أنواع:

الأول: أن يسمع صحابي حكمًا في قضية لم يسمعه الآخر فيجتهد برأيه، وهذا على وجوه:

منها: أن يقع اجتهاده وفق الحديث، ففي الصحيحين قضية ذهاب عمر إلى الشام, فسمع بوجود الطاعون وهو بسَرْغ, وأراد الرجوع بالمسلمين، فقال له أبو عبيدة: أتفِرّ من قدر الله، فقال له عمر: لو غيرك قالها، نعم نفِرُّ من قدر الله إلى قدره, أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديًا له عدوتان؛ إحداهما خصبة والأخرى جدبة, أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله. ثم جاء عبد الرحمن بن عوف وروى الحديث: "إذا كان في أرض فلا تقدموا عليها" الحديث فحمد الله عمر ثم انصرف١. وروى مثله أسامة، وسعد بن أبي وقاص، وخزيمة بن ثابت، كما في صحيح مسلم٢.

ورى الترمذي والنسائي وغيرهما: أن ابن مسعود سئل عن امرأة مات زوجها ولم يفرض لها صداقها، فقال: لم أر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي في ذلك.

فاختلفوا إليه شهرًا وألحول فاجتهد برأيه, وقضى بأن لها مهر نسائها لا وكس ولا شطط, وعليها العدة ولها الميراث، فقام معقل بن يسار فشهد بأنه صلى الله عليه وسلم قضى بمثل ذلك، ففرح ابن مسعود فرحة لم يفرحها قط٣، وكان سيدنا علي يخالفه في


١ متفق عليه: البخاري "٨/ ١٦٨"، ومسلم "٧/ ٢٦".
٢ متفق عليه أيضًا: البخاري "٧/ ١٦٨"، ومسلم "٧/ ٢٦".
٣ أخرجه الترمذي "٣/ ٤٤١"، وأبو داود "٢/ ٢٣٧"، والنسائي "٦/ ٩٨"، وابن ماجه "١/ ٦٠٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>