اعلم أن عمل المدينة الاجتهادي لا النقلي له ارتباط وانبناء على العمل بقول الصحابي, فقد احتج به مالك كما سبق, وهو من أصول مذهبه، لكن إن صحَّ سنده وكان من أعلام الصحابة، كالخلفاء، أو معاذ، أو أُبَيّ، أو ابن عمر، أو ابن عباس، أو نظرائهم؛ لأنه يكون عند اجتهاد أو توقيف، ويشترط أن لا يخالف الحديث المرفوع الصالح للحجية، وإلّا فالحديث مقدَّم لا القياس، وقد بالغ الغزالي في المستصفى في الرد لهذا الأصل مستدلًا بأن الصحابة ليسوا محل العصمة ويجوز عليهم الغلط, فلا ينتج قولهم ما يقطع به في الحجية وأطال في ذلك، وهو كلام مردود, فإنا لم ندع العصمة لهم, ولا أن قولهم مما يقطع به, وإنما هو من جملة الأدلة الشرعية التي تفيد الظن؛ لأنه لا يكون من هؤلاء الأعلام إلا ما كان عن توقيف, وهذا واجب الاتباع, أو عن اجتهادهم واجتهادهم أولى بالصواب