فردَّ منهم ولو كان أعلمهم فلا يقال فيه عمل, ولا يترك له الحديث الثابت, بل يتعيّن العمل بالحديث، ومن هذا قضية القبض, وهو وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة, ثبتت به الأحاديث الصحاح السالمة من الطعن في الموطأ وغيرها, وكل من وصف صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم, فإما نصَّ على القبض, أو سكت ولم يقل قبض ولا سدل، والساكت عنهما ليس بنص ولا ظاهر في السدل، فجاء بعض المتأخرين مستدلًا بأن عبد الله الكامل١ سدل ورام أن يجعله عملًا مدنيًّا وهيهات هيهات، وهذا سلاح استعمله متأخرو المالكية مهما لم يجدوا في الحديث مطعنًا, ادعوا العمل ولا ينبغي ذلك لهم في دين الله، فإن مالكًا ليس بمعصوم عن الخطأ ولا المدونة كمصحف منزل، وكم من حديث لم يعرف مالك وصح عند غيره، والإنصاف في دين الله أسلم من الاعتساف، ولو كان في ذلك عمل متقرر لنص عليه في الموطأ كعادته, فالعمل إذا نصَّ عليه في الموطأ أو المدونة أو نحوهما من الكتب الثابتة فعمل مقبول يستدل به المالكي بملء شدقيه، أما مجرد مخالفة مالك في المدونة أو غيرها للحديث فلا دليل فيه على العمل أصلًا, بل هي دعوى, وإلى الله الشكوى.
١ أبو سالم عبد الله الكامل الأمراني العلوي الحسني، ت ١٣٢١، ترجم له المؤلف في القسم الرابع في المالكية.