بمناسبة تكلمنا على ابتداء إصلاح الأزهر، فلنقل كلمة عن أختها القرويين لما عسى أن يكون لهذا المعهد من التأثير على ارتقاء الفقه أو انحطاطه أثناء القرن الجاري؛ لأنه المعهد الأعظم في إفريقيا الشمالية للعلوم العربية والدينية والآداب الإسلامية، لا سيما بعد سقوط الأندلس، فهو الينبوع النمير لهاته العلوم، والقبس النير للدين الحنيف، ومادة حياة القومية المغربية العربية، وبه قوامها، وقائد رشدها، وشمس نورها، وقد بلغ صيت الرعيل الأكبر من المؤلفين المتخرجين منه أقصى المغارب، ولا تزال تآليفهم سراجا وهاجا في الأقطار الشاسعة، ومعاهدها الجامعة.
إن القرويين لم يزل على حالة القديم، فمع كونه مسجدا دينيا مقدسا هو محل تطوع مفتح الأبواب لإلقاء الدروس الدينية والعربية، وتلقيها من غير أن يكون به نظام، ولا ترتيب لسير دروسه، ولا للموظفين الدينيين المتخرجين منه.