للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاء بشاهد ويمين ومؤخر الصداق لا يقبض إلّا عند الفراق:

ومن ذلك القضاء بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق, وقد عرفت أنه لم يزل يقضي بالمدينة به، ولم يقض به أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشام وبحمص ولا بمصر ولا بالعراق، ولم يكتب به إليهم الخلافاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم ولي عمر بن عبد العزيز، وكان كما قد علمت في إحياء السنن والجدِّ في إقامة الدين والإصابة في الرأي والعلم بما مضى من أمر الناس, فكتب إليه زريق بن الحكم١: إنك كنت تقضي بالمدينة بشهادة الشاهد الواحد ويمين صاح الحق، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: إنا كنا نقضي بذلك بالمدينة, فوجدنا أهل الشام على غير ذلك, فلا تقضي إلّا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين. ولم يجمع بين المغرب والعشاء قط ليلة المطر، والمطر يسكب عليه في منزله الذي كان فيه بخناصرة ساكنًا.

ومن ذلك أن أهل المدينة يقضون في صدقات النساء أنها متى شاءت أن تتكلم في مؤخر صداقها تكلمت فدفع إليها، وقد وافق أهل العراق أهل المدينة على ذلك، وأهل الشام وأهل مصر لم يقض أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم, ولا من بعدهم لامرأة بصداقها المؤخَّر إلّا أن يفرِّق بينهما موت أو طلاق, فتقوم على حقها.


١ لعله زريق بن حكيم أبو حكيم الأيلي، تهذيب التهذيب "٣/ ٢٧٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>